بَابُ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ
١٨٥٤ - (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ الْحَجَّ عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ فَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ فَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] . إذَنْ أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ،
ــ
[نيل الأوطار]
أَيْضًا النَّسَائِيّ، وَفِي إسْنَادِهِ يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَ لَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ النَّاسِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ " وَقَرَنْتُ " وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ حِينَ وَصَفَ قُدُومَ عَلِيٍّ وَإِهْلَالَهُ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَأَحْسَنُ سِيَاقَةً، وَمَعَ حَدِيثِ جَابِرٍ حَدِيثُ أَنَسٍ، يُرِيدُ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ ذُكِرَ فِيهِ قُدُومُ عَلِيٍّ وَذُكِرَ إهْلَالُهُ وَلَيْسَ فِيهِ قَرَنْتُ، هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْقِرَانِ لِمَصِيرِ الْعُمْرَةِ جُزْءًا مِنْ الْحَجِّ أَوْ كَالْجُزْءِ. قَوْلُهُ: (صَبِيغًا) فَعِيلٌ هَاهُنَا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ: أَيْ مَصْبُوغَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ نَضَحَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.
قَوْلُهُ: (بِنُضُوحٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَ الْوَاوِ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ: وَهِيَ ضَرْبٌ مِنْ الطِّيبِ قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ) هَهُنَا كَلَامٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ [فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا صَبْغَ ثِيَابِهَا وَنَضْحَ بَيْتِهَا بِالطِّيبِ] ، فَقَالَتْ. . . إلَخْ. قَوْلُهُ: (قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَحَلُّوا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ " فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّتْ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: أَمَرَنِي أَبِي بِهَذَا ". قَوْلُهُ: (أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ) هَكَذَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَكَانَ جُمْلَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَاَلَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةً كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ ". قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ: وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ: إنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد. قَوْلُهُ: (بَضْعَةً) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ وَطُبِخَتْ، فَأَكَلَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا " وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ سُرَاقَةَ وَالْبَرَاءِ مَنْ قَالَ: إنَّ حَجَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قِرَانًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ مُعَلَّقًا، وَعَلَى جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute