للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٨٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .

١٨٨٤ - (وَعَنْ سَالِمٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي: ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ حَدِيثَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْخُفَّيْنِ فَتَرَكَ ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَالَ: فِي الْقَلْبِ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَلَكِنْ وَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ جَدَّتُهَا نَحْوَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ يَعْنِي عَلَى صِحَّتِهِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمَذْكُورُ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الذَّهَبِيِّ أَنَّهُ صَدُوقٌ وَقَدْ أُعِلَّ الْحَدِيثُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَعِينٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: مُجَاهِدٌ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلٌ وَقَدْ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِأَحَادِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَفِيهِ مَقَالٌ مَشْهُورٌ قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُعَنْعَنْ.

ــ

[نيل الأوطار]

بِالْحَدِيثَيْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُتَكَلِّفٌ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْجَمْعُ مَا أَمْكَنَ هُوَ الْوَاجِبُ فَلَا يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ وَلَوْ جَازَ الْمَصِيرُ إلَى التَّرْجِيحِ لَأَمْكَنَ تَرْجِيحُ الْمُطْلَقِ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ كَمَا فِي الْبَابِ، وَرِوَايَةُ الِاثْنَيْنِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ (فَإِذَا حَازَوْا بِنَا) فِي نُسَخِ الْمُصَنَّفِ هَكَذَا فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فَإِذَا حَازُوا بِنَا بِالزَّايِ مَكَانَ الذَّالِ.

وَفِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا حَاذُونَا قَوْلُهُ: (جِلْبَابَهَا) أَيْ: مِلْحَفَتَهَا قَوْلُهُ: (مِنْ رَأْسِهَا) تَمَسَّكَ بِهِ أَحْمَدُ فَقَالَ إنَّمَا لَهَا أَنْ تُسْدِلَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا فَإِنَّهَا تُسْدِلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهَا سَتْرُهُ مُطْلَقَا كَالْعَوْرَةِ لَكِنْ إذَا سَدَلَتْ يَكُونُ الثَّوْبُ مُتَجَافِيًا عَنْ وَجْهِهَا بِحَيْثُ لَا يُصِيبُ الْبَشَرَةَ هَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>