للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٠٤ - (وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ، فَقَالُوا: يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ، قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا)

١٩٠٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً، وَالْجَمِيعُ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ) أَثَرُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بَلَاغًا عَنْهُمْ وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ إرْسَالٌ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ

ــ

[نيل الأوطار]

مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ، وَكَذَلِكَ بِرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ وَهُوَ السَّفِيرُ وَهُمَا أَخْبَرُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُ هَذَا الْمُرَجَّحَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رِوَايَتُهُ مُثْبِتَةٌ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ النَّافِيَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ رِوَايَةَ مَيْمُونَةَ وَأَبِي رَافِعٍ أَيْضًا مُثْبِتَةٌ لِوُقُوعِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَالٌ.

وَأُجِيبُ رَابِعًا بِأَنَّ غَايَةَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حِكَايَةُ فِعْلٍ وَهِيَ لَا تُعَارِضُ صَرِيحَ الْقَوْلِ أَعْنِي: النَّهْيَ عَنْ أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْرِمُ أَوْ يُنْكِحَ وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَهُوَ مُمْكِنٌ هَهُنَا عَلَى فَرْضِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَصِّصًا لَهُ مِنْ عُمُومِ ذَلِكَ الْقَوْلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ إذَا فُرِضَ تَأَخُّرُ الْفِعْلِ عَنْ الْقَوْلِ، فَإِنْ فُرِضَ تَقَدُّمُهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْأُصُولِ فِي جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ بِالْخَاصِّ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ أَوْ جَعْلِ الْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَعْضُ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُحْرِمُ أَوْ يُزَوِّجَ غَيْرَهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ: يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ لِلْوَطْءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ، وَظَاهِرُ النَّهْيِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يُزَوِّجُ غَيْرَهُ بِالْوَلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ كَالسُّلْطَانِ وَالْقَاضِي، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوَلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ النَّصِّ بِلَا مُخَصِّصٍ.

قَوْلُهُ: (بِسَرِفٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ: (فِي الظُّلَّةِ) بِضَمِّ الظَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ كُلُّ مَا أَظَلَّ مِنْ الشَّمْسِ قَوْلُهُ (الَّتِي بَنَى بِهَا فِيهَا) أَيْ: الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فِيهَا قَوْلُهُ (وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ) هَذَا هُوَ أَحَدُ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي أَجَابَ بِهَا الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>