. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا) قَوْلُهُ: (أَمَامَنَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُ: (عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ حَاجًّا وَهُوَ غَلَطٌ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَإِنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي الْعُمْرَةِ وَقَالَ الْحَافِظُ: لَا غَلَطَ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَجَازِ الشَّائِعِ وَأَيْضًا فَالْحَجُّ فِي الْأَصْلِ: الْقَصْدُ لِلْبَيْتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ قَاصِدًا لِلْبَيْتِ وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْعُمْرَةِ: الْحَجُّ الْأَصْغَرُ قَوْلُهُ: (وَاَللَّهِ لَا نُعِينُكَ) زَادَ أَبُو عَوَانَةَ إنَّا مُحْرِمُونَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَلِمُوا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْإِعَانَةُ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ قَوْلُهُ: (وَخَبَّأْتُ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ قَوْلُهُ: (فَكُلُوهُ) صِيغَةُ الْأَمْرِ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِمْ عَنْ الْجَوَازِ لَا عَنْ الْوُجُوبِ فَوَقَعَتْ عَلَى مُقْتَضَى السُّؤَالِ قَوْلُهُ: (قَالَ مِنْكُمْ أَحَدٌ) . . . إلَخْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ: أَمِنْكُمْ بِزِيَادَةِ الْهَمْزَةِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ مِنْ الْمُحْرِمِ لِلصَّائِدِ بِأَنْ يَحْمِلَ عَلَى الصَّيْدِ وَالْإِشَارَةِ مِنْهُ مِمَّا يُوجِبُ عَدَمَ الْحِلِّ لِمُشَارَكَتِهِ لِلصَّائِدِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْأَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْأُنْثَى وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ: «فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا قَالَ: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ» . . . إلَخْ وَالرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى إفْرَادِ الْحِمَارِ بِالرُّؤْيَةِ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ الْحِمَارَ مِنْ جُمْلَةِ حُمُرٍ وَأَنَّ الْمَقْتُولَ كَانَ أَتَانًا أَيْ: أُنْثَى لِقَوْلِهِ: فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، وَالْحَدِيثُ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ لَحْمُ مَا يَصِيدُهُ الْحَلَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَادَهُ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ إعَانَةٌ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ مُجَرَّدَ مَحَبَّةِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْحَلَالِ الصَّيْدُ فَيَأْكُلَ مِنْهُ غَيْرُ قَادِحَةٍ فِي إحْرَامِهِ وَلَا فِي حِلِّ الْأَكْلِ مِنْهُ.
وَمِنْهَا أَنَّ عَقْرَ الصَّيْدِ ذَكَاتُهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهَا جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالْقُرْبِ مِنْهُ
١٩١٦ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِمْ، فَرَأَيْتُ حِمَارًا فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَاصْطَدْتُهُ، فَذَكَرْتُ شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْتُ وَأَنِّي إنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute