للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَابُ مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ إلَيْهَا

١٩٤١ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، وَإِذَا خَرَجَ خَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ) .

١٩٤٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَفِي رِوَايَةٍ: دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءَ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَرَوَى الثَّانِيَ أَبُو دَاوُد، وَزَادَ: وَدَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ كُدًى)

ــ

[نيل الأوطار]

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِ وَجٍّ وَشَجَرِهِ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى كَرَاهَتِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ: أَكْرَهُ صَيْدَ وَجٍّ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ: إنْ صَحَّ فَالْقِيَاسُ التَّحْرِيمُ لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ انْتَهَى.

وَفِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ جَزَمَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالتَّحْرِيمِ وَقَالُوا: إنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ: وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَصَحُّهُمَا: وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْجُمْهُورُ الْقَطْعُ بِتَحْرِيمِهِ قَالُوا: وَمُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَصَحُّهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ يَعْنِي: مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَأْثَمُ فَيُؤَدِّبُهُ الْحَاكِمُ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ إلَّا فِيمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَلَمْ يَرِدْ فِي هَذَا شَيْءٌ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حُكْمُهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرِهَا وَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ فِيهِ خِلَافٌ انْتَهَى.

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِي ضَمَانِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَشَجَرِهَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَلَسْتُ أَعْلَمُ لِتَحْرِيمِهِ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحِمَى لِنَوْعٍ مِنْ مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ ذَلِكَ التَّحْرِيمَ إنَّمَا كَانَ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ إلَى مُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ ثُمَّ نُسِخَ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ: وَكَانَ ذَلِكَ يَعْنِي تَحْرِيمَ وَجٍّ قَبْلَ نُزُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّائِفَ وَحِصَارَهُ ثَقِيفًا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ مِنْ الْحَدِيثِ تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ، وَمَنْ ادَّعَى النَّسْخَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَأَمَّا ضَمَانُ صَيْدِهِ وَشَجَرِهِ عَلَى حَدِّ ضَمَانِ صَيْدِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فَمَوْقُوفٌ عَلَى وُرُودِ دَلِيلٍ لِيَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالضَّمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>