للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ السَّابِقَ قَالَ بِهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ: قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ شَيْئًا ثُمَّ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ وَذَهَبَ ثُلُثُهُ " قَالَ أَيْضًا: وَالْخُرُوجُ إلَى مِنًى فِي كُلِّ وَقْتٍ مُبَاحٌ إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ وَعَطَاءَ قَالَا: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْحَاجُّ إلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ حَتَّى يُمْسِيَ إلَّا إنْ أَدْرَكَهُ وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ.

وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَيْضًا مُتَابَعَةُ أُولِي الْأَمْرِ وَالِاحْتِرَازُ عَنْ مُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ

١٩٩٢ - (وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» ) مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. . . إلَخْ) ، قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (وَرَكِبَ) . . . إلَخْ قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ بَيَانُ سُنَنٍ أَحَدِهَا: أَنَّ الرُّكُوبَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْي، كَمَا أَنَّهُ فِي حَمْلَةِ الطَّرِيقِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْي هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ ضَعِيفٌ أَنَّ الْمَشْي أَفْضَلُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: الْأَفْضَلُ فِي جُمْلَةِ الْحَجِّ الرُّكُوبُ إلَّا فِي مَوَاطِنَ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ مَكَّةُ وَمِنَى وَمُزْدَلِفَةُ وَعَرَفَاتٌ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا. السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُصَلِّيَ بِمِنًى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ. السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبِيتَ بِمِنًى هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَهِيَ لَيْلَةُ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَهَذَا الْمَبِيتُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِبٍ فَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَخْرُجُوا مِنْ مِنًى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ النُّزُولِ بِنَمِرَةَ إذَا ذَهَبُوا مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَدْخُلُوا عَرَفَاتٍ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ سَارَ بِهِمْ الْإِمَامُ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَخَطَبَ بِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>