للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠١٣ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ، فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: «قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ وَقَالَ: لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .

٢٠١٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي: عِنْدَهَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

٢٠١٥ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا «نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ مَا أُرَانَا إلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِلظُّعُنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٢٠١٦ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِهِ مَعَ أَهْلِهِ إلَى مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ فَرَمَوْا الْجَمْرَةَ مَعَ الْفَجْرِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

أُثَبِّتُ بِهَا فِي حَجَّتِي مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْهَيْئَاتِ هِيَ أُمُورُ الْحَجِّ وَصِفَتِهِ وَالْمَعْنَى: اقْبَلُوهَا وَاحْفَظُوهَا وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ

قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ الْوُجُوبُ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الصَّلَاةِ أَنَّ مَرْجِعَ وَاجِبَاتِهَا إلَى حَدِيثِ الْمُسِيءِ فَلَا يَجِبُ غَيْرُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ وَأَقْوَالَهُ، الظَّاهِرُ فِيهَا الْوُجُوبُ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ كَمَا قَالَتْ الظَّاهِرِيَّةُ، وَهُوَ الْحَقُّ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: رِوَايَتُنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَاللَّامُ الْجَرِّ الْمَفْتُوحَةِ وَالنُّونُ الَّتِي هِيَ مَعَ الْأَلْفِ ضَمِيرٌ أَيْ: يَقُولُ لَنَا: خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ لَنَا صِلَةً لِلْقَوْلِ، قَالَ: وَهُوَ الْأَفْصَحُ، وَقَدْ رُوِيَ لِتَأْخُذُوا بِكَسْرِ اللَّامِ لِلْأَمْرِ وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ «قَرَأَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْله تَعَالَى: فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا» انْتَهَى.

وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا قَلِيلَةٌ لَا شَاذَّةٌ، لِوُرُودِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي كَلَامِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي كَلَامِ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَقَدْ قَرَأَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأُبَيُّ وَأَنَسُ وَالْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءَ وَابْنُ هُرْمُزٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ وَالسُّلَمِيُّ وَقَتَادَةُ وَالْجَحْدَرَيُّ وَهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ وَالْأَعْمَشُ وَعَمْرُو بْنُ فَائِدٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: وَقَدْ جَاءَ عَنْ يَعْقُوبَ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَرَأَ بِهَا ابْنُ الْقَعْقَاعِ وَابْنُ عَامِرٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَثِيرَةٍ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ ابْنِ عَامِرٍ هُوَ خِلَافُ قِرَاءَتِهِ الْمَشْهُورَةِ.

قَوْلُهُ: (لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَوْدِيعِهِمْ، وَإِعْلَامِهِمْ بِقُرْبِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا سُمِّيَتْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى) هِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ. قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَقَفَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَنْ يَجْعَلَ مَكَّةَ عَنْ يَسَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ مِنًى عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ وَيَسْتَقْبِلَ الْجَمْرَةَ بِوَجْهِهِ. قَوْلُهُ: (وَرَمَى بِسَبْعٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَمْيَ الْجَمْرَةِ يَكُونُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: مَا أُبَالِي رَمَيْتُ الْجَمْرَةَ بِسِتٍّ أَوْ بِسَبْعٍ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيتِ بِمِنًى مُتَمَسِّكٌ لِقَوْلِهِ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَمَى بِسِتٍّ وَعَنْ طَاوُسٍ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، وَعَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ مَنْ رَمَى بِأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ وَفَاتَهُ التَّدَارُكُ يَجْبُرْهُ بِدَمٍ، وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مُدٌّ، وَفِي تَرْكِ حَصَاتَيْنِ مُدَّانِ، وَفِي ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرُ دَمٌ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ إنْ تَرَكَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ فَنِصْفُ صَاعٍ وَإِلَّا فَدَمٌ.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْبَقَرَةِ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَحْكَامِ الْحَجِّ فِيهَا. قَوْلُهُ: (يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى اشْتِرَاطِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْحَصَى؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>