للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَرَاجِعًا وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» .

وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ: «إنَّهُ كَانَ يَمْشِي إلَى الْجِمَارِ» .

قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ بِمِنًى وَاجِبٌ وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ.

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فِي إذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ وَمِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى» وَسَيَأْتِي وَالتَّعْبِيرُ بِالرُّخْصَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَهَا عَزِيمَةٌ وَأَنَّ الْإِذْنَ وَقَعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا لَمْ يَحْصُلْ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ لِتَرْكِهِ فَقِيلَ: يَجِبُ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ دَمٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ وَقِيلَ: صَدَقَةٌ بِدِرْهَمٍ، وَقِيلَ: إطْعَامٌ، وَعَنْ الثَّلَاثِ دَمٌ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ صِفَتَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَوْلُهُ: وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى. . . إلَخْ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهِيَ الْوُسْطَى وَالتَّضَرُّعِ عِنْدِهَا وَتَرْكِ الْقِيَامِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ. قَوْلُهُ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ. . . إلَخْ قِيلَ: إنَّ جَوَازَ تَرْكِ الْمَبِيتِ يَخْتَصُّ بِالْعَبَّاسِ وَقِيلَ: يَدْخُلُ مَعَهُ بَنُو هَاشِمٍ وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ احْتَاجَ إلَى السِّقَايَةِ وَهُوَ جُمُودٌ يَرُدُّهُ حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْآتِي وَقِيلَ: يَجُوزُ التَّرْكُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ عُذْرٌ يُشَابِهُ الْأَعْذَارَ الَّتِي رَخَّصَ لِأَهْلِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ وَرُعَاةِ الْإِبِلِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. قَوْلُهُ: حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَيْنَا هَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ رَمْيُ الْجِمَارُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْأَضْحَى قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ بَلْ وَقْتُهُ بَعْدَ زَوَالِهَا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ» .

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ عَطَاءُ وَطَاوُسٌ فَقَالَا: يَجُوزُ الرَّمْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ مُطْلَقًا وَرَخَّصَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الرَّمْيِ يَوْمَ النَّفْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَالَ إِسْحَاقُ: إنْ رَمَى قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَ إلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَيُجْزِيهِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَرُدُّ عَلَى الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (نَتَحَيَّنُ) نَتَفَعَّلُ مِنْ الْحِينِ وَهُوَ الزَّمَانُ أَيْ: نُرَاقِبُ الْوَقْتَ الْمَطْلُوبَ. قَوْلُهُ: (مَشَى إلَيْهَا) أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إتْيَانَ الْجِمَارِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا جَائِزٌ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فِي رَمْي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَفِي غَيْرِهَا قَالَ الْجُمْهُورُ: الْمُسْتَحَبُّ الْمَشْيُ وَذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى اسْتِحْبَابِ الرُّكُوبِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَالْمَشْيِ فِي غَيْرِهِ وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّكُوبُ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْمَشْيُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطْلَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>