للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

ــ

[نيل الأوطار]

اسْمَ اللَّهِ وَتَنَفَّسَ ثَلَاثًا وَتَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَاحْمَدْ اللَّهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ» وَحَدِيثُهُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ شَرِبْتَهُ مُسْتَعِيذًا أَعَاذَكَ اللَّهُ قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَ مَاءَ زَمْزَمَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْجَارُودِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَالْجَارُودِيُّ صَدُوقٌ إلَّا أَنَّ رِوَايَتَهُ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَالْحُمَيْدِيِّ وَابْنِ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِمَّا يُقَوِّي الرَّفْعَ مَا أَخْرَجَهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ عَنْ مَاءِ زَمْزَمَ صَحِيحٌ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنِّي شَرِبْتُهُ الْآنَ لِتُحَدِّثْنِي مِائَةَ حَدِيثٍ قَالَ: اجْلِسْ فَحَدَّثَهُ مِائَةَ حَدِيثٍ

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا عِنْدَ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: «زَمْزَمُ مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ» وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَعَنْ جَابِرٍ غَيْرُ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ مِنْهُ» قَوْلُهُ: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ يَنْفَعُ الشَّارِبَ لِأَيِّ أَمْرٍ شَرِبَهُ لِأَجْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَوْ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ: لِمَا شُرِبَ لَهُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَحْمِلُهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِحَمْلِ مَاءَ زَمْزَمَ إلَى الْمَوَاطِنِ الْخَارِجَةِ عَنْ مَكَّةَ قَوْلُهُ: (لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا) وَذَلِكَ بِأَنْ يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ النَّزْعَ سُنَّةٌ فَيَنْزِعُ كُلُّ رَجُلٍ لِنَفْسِهِ فَيَغْلِبُ أَهْلُ السِّقَايَةِ عَلَيْهَا وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشُّرْبَ جِبِلِّيٍّ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إذْ لَا تَأَسِّي فِي الْجِبِلِّيِّ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْأَمْرَ بِالنَّزْعِ وَإِعْطَاءَ أُسَامَةَ الْفَضْلَةَ لِيَشْرَبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَدْعِيَ الْمَاءُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّرْبَ لِلْفَضِيلَةِ لَا لِلْحَاجَةِ قَوْلُهُ: (لَا يَتَضَلَّعُونَ) أَيْ: لَا يُرْوُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَتَضَلَّعَ امْتَلَأَ شِبَعًا أَوْ رِيًّا حَتَّى بَلَغَ الْمَاءُ أَضْلَاعَهُ انْتَهَى قَوْلُهُ: (هَزْمَةُ) بِالزَّايِ أَيْ: حُفْرَةُ جِبْرِيلَ لِأَنَّهُ ضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ فَنَبَعَ الْمَاءُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: هَزَمَهُ يَهْزِمُهُ: غَمَزَهُ بِيَدِهِ فَصَارَتْ فِيهِ حُفْرَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَالْهَزَائِمُ: الْبِئَارُ الْكَبِيرَةُ الْغُزْرُ الْمَاءِ قَوْلُهُ: (وَسُقْيَا إسْمَاعِيلَ) أَيْ: أَظْهَرَهُ اللَّهُ لِيَسْقِيَ بِهِ إسْمَاعِيلَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>