بَابُ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ عَنْ الْعُمْرَةِ بِالنَّحْرِ ثُمَّ الْحَلْقِ حَيْثُ أُحْصِرَ مَنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
٢٠٧١ - (عَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ فِي حَدِيثِ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَالصُّلْحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ الْمِسْوَرِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ» )
ــ
[نيل الأوطار]
الِاخْتِصَاصِ وَعَلَى إضْمَارِ فِعْلٍ: أَيْ: تَمَسَّكُوا وَشِبْهُهُ وَخَبَرُ حَسْبُكُمْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ خَبَرُ حَسْبُكُمْ أَوْ الْفَاعِلُ وَحَسْبُكُمْ بِمَعْنَى الْفِعْلِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُمَا تَفْسِيرًا لِلسُّنَّةِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: مَنْ نَصَبَ سُنَّةً فَهُوَ بِإِضْمَارِ الْأَمْرِ كَأَنَّهُ قَالَ: الْزَمُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ قَوْلُهُ: (طَافَ بِالْبَيْتِ) أَيْ: إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: إنْ حَبَسَ أَحَدًا مِنْكُمْ حَابِسٌ عَنْ الْبَيْتِ فَإِذَا وَصَلَ طَافَ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ مِنْ الْقَابِلِ عَلَى مَنْ أُحْصِرَ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ
قَوْلُهُ: (فَيُهْدِي) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ وَلَكِنَّ الْإِحْصَارَ الَّذِي وَقَعَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا وَقَعَ فِي الْعُمْرَةِ فَقَاسَ الْعُلَمَاءُ الْحَجَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، وَإِلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ فَقَالَ: إنَّهُ لَا يَجِبُ الْهَدْيُ عَلَى الْمُحْصَرِ، وَعَوَّلَ عَلَى قِيَاسِ الْإِحْصَارِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّوْمِ لِلْعُذْرِ، وَالتَّمَسُّكُ بِمِثْلِ هَذَا الْقِيَاسِ فِي مُقَابِلِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي يُتَعَجَّبُ مِنْ وُقُوعِ مِثْلِهَا مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ قَوْلُهُ: (ابْنَ حُزَابَةَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا زَايٌ ثُمَّ بَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ قَوْلُهُ: (فَسَأَلَ عَلَى الْمَاءِ) هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي بَعْضِهَا: عَنْ الْمَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الْمُوَطَّإِ: عَلَى الْمَاءِ، وَنُسْخَةٍ بِعَنْ. قَوْلُهُ: (فَوَجَدَ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ثَابِتَةٌ فِي نُسْخَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِالْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ عَلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ، وَأَنَّ الْإِحْصَارَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ، وَعَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَسَيَأْتِي. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute