بَابُ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى الذَّبْحِ وَالْمُبَاشَرَةِ لَهُ
٢١٢١ - (عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد) .
٢١٢٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ
ــ
[نيل الأوطار]
هَذَا عَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي» وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ إلَّا عَنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي سَرِيحَةَ إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ إسْنَادٌ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ اطِّلَاعُهُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ «عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ» وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ وَبِهِ قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ: تُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ: تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَبِهِ قَالَ مَنْ سَلَفَ. وَقَدْ زَعَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ غَلَطٌ. وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى دَعْوَى الْإِجْمَاعِ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَذَلِكَ زَعَمَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِأَنَّ الشَّاةَ تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ أَيْضًا غَلَطٌ وَالْحَقُّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَإِنْ كَانُوا مِائَةَ نَفْسٍ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا قَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ، وَلَعَلَّ مُتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ: إنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ الْقِيَاسُ عَلَى الْهَدْيِ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ ثَلَاثَةٍ فَقَطْ فَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهُمْ صَاحِبُ الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ قَالَ: وَلَا قَائِلَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَاقْتُصِرَ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَأَنَّ نَفْيَ الْقَائِلِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَمْنُوعٌ وَالسَّنَدُ مَا سَلَفَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْبَدَنَةِ فَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْجُمْهُورُ: إنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَقَالَتْ الْعِتْرَةُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ: إنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ عَشَرَةٍ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ هُنَا لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ: إنَّ الْبَدَنَةَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقُّ فِي الْهَدْيِ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ هُنَالِكَ. وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَتُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ فَقَطْ اتِّفَاقًا فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَصَارَ كَمَا تَرَى) فِي نُسْخَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَصَارُوا كَمَا تَرَى وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: فَصَارَتْ كَمَا تَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute