للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالضَّادُ سَاكِنَةٌ فِيهَا كُلِّهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا تُفْتَحُ إذَا حُذِفَتْ الْهَاءُ يُقَالُ: بِحَضَرِ فُلَانٍ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيَجْمُلُونَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ بِضَمِّ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ يُقَالُ: جَمَّلْت الدُّهْنَ أُجَمِّلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَأَجْمُلُهُ بِضَمِّهَا جَمْلًا، وَأَجْمَلْته أَجْمُلهُ إجْمَالًا أَيْ: أَذَبْتُهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ثَلَاثٍ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ يَوْمِ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ ذُبِحَتْ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الذَّبْحُ عَنْهُ قَالَ: وَهَذَا أَظْهَرُ وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْأَوَّلَ وَهَذَا الْخِلَافُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَائِدَةٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالنَّسْخِ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا سَلَفَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الرَّابِعِ لَيْسَ مِنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ فَكُلُوا) . . . إلَخْ، هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَصْرِيحٌ بِالنَّسْخِ لِتَحْرِيمِ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَادِّخَارِهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: يَحْرُمُ الْإِمْسَاكُ لِلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَنَّ حُكْمَ التَّحْرِيمِ بَاقٍ، وَحَكَاهُ الْحَازِمِيُّ فِي الِاعْتِبَارِ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيْضًا وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالنَّاسِخِ وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَدْ أُجْمِعَ عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ بَعْدَ الثَّلَاثِ مِنْ بَعْدِ عَصْرِ الْمُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَعْدَهُمْ ذَهَبَ إلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كُلُوا) اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْأَكْلِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَقَدْ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَأَبِي الطَّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨] وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الْأَوَامِرَ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لِوُرُودِهَا بَعْدَ الْحَظْرِ وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ لِلْإِبَاحَةِ

وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْأُصُولِ. قَوْلُهُ: (وَأَطْعِمُوا) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " وَتَصَدَّقُوا " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّصَدُّقِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَبِهِ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: إذَا كَانَتْ أُضْحِيَّةَ تَطَوُّعٍ قَالُوا: وَالْوَاجِبُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِطْعَامِ وَالصَّدَقَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بِمُعْظَمِهَا. قَالُوا: وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُهْدِيَ الثُّلُثَ وَفِي قَوْلٍ لَهُمْ: يَأْكُلُ النِّصْفَ وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ وَلَهُمْ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْبَعْضِ غَيْرَ مُقَدَّرٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي جَوَازِ أَكْلِهَا جَمِيعِهَا وَجْهَانِ عَنْ الْإِمَامِ يَحْيَى أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ إذْ يُبْطِلُ بِهِ الْقُرْبَةَ وَهِيَ الْمَقْصُودُ وَقِيلَ: يَجُوزُ وَالْقُرْبَةُ تَعَلَّقَتْ بِإِهْرَاقِ الدَّمِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا عِنْدَ الْجَمِيعِ إذْ لَا دَلِيلَ. قُلْت: وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ يَحْيَى نَظَرٌ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (فَأَرَدْت أَنْ تُعِينُوا فِيهَا) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِعَانَةِ هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «أَنْ يَفْشُوَ فِيهِمْ» بِالْفَاءِ وَالشِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>