. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْبُوشَنْجِيِّ وَنَقَلَهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ وَلِأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلِإِحْدَى وَعِشْرِينَ» وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي اعْتِبَارِ الْأَسَابِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ رِوَايَاتٌ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذِكْرَ السَّابِعِ لِلِاخْتِيَارِ لَا لِلتَّعْيِينِ.
وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْوِلَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ عَنْ السَّابِعِ اخْتِيَارًا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ إلَى الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَمَّنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ لَكِنْ إنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ فَعَلَ. وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْإِمَامِ يَحْيَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَبْلَ السَّابِعِ وَلَا بَعْدَهُ إجْمَاعًا وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مُجَازَفَةٌ مَا عَرَفْت مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَمَّى فِيهِ) فِي رِوَايَةٍ يُدَمَّى وَقَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّهَا وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ هَمَّامٌ إنْ كَانَ حَفِظَهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ. وَقَدْ سُئِلَ قَتَادَةُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: يُدْمَى فَقَالَ: إذَا ذُبِحَتْ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفَةٌ وَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَسِيلَ عَنْ رَأْسِهِ مِثْلُ الْخَيْطِ ثُمَّ يُعَلَّقُ ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ.
وَقَدْ كَرِهَ الْجُمْهُورُ التَّدْمِيَةَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا عَقُّوا عَنْ الصَّبِيِّ خَضَّبُوا بَطْنَهُ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الْمَوْلُودِ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا» زَادَ أَبُو الشَّيْخِ وَنَهَى أَنْ يُمَسَّ رَأْسُ الْمَوْلُودِ بِدَمٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ» وَهَذَا مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ يَزِيدَ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: عَنْ أَبِيهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلٌ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ.
وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءَ اسْتِحْبَابَ التَّدْمِيَةِ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ.
وَفِي قَوْلِهِ: وَيُسَمَّى دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَحَمَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يُسَمَّى عَلَى الْمَوْلُودِ كَمَا يُسَمَّى عَلَى الْأُضْحِيَّةِ بِسْمِ اللَّهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ «اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك عَقِيقَةُ فُلَانٍ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ» وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَيُسَمَّى فِيهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ لَقَالَ: وَيُسَمِّي عَلَيْهَا
قَوْلُهُ: (مُكَافِئَتَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ هَكَذَا صَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ: أَيْ: مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ. وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَالْمُرَادُ التَّكَافُؤُ فِي السِّنِّ فَلَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا مُسِنَّةً وَالْأُخْرَى غَيْرَ مُسِنَّةٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَذْبَحَ إحْدَاهُمَا مُقَابِلَةً لِلْأُخْرَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي رَافِعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute