للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١٧٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الْآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبُهُ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ بِثَوْبِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٢١٧٧ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَاضَرَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ قَبْلَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ بَيْعُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِهِ، وَقَدْ خُصِّصَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ الْمُصَّدِّقُ، فَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا بِدَلِيلٍ يَخُصُّ هَذَا الْعُمُومَ، وَجَعْلُ التَّخْلِيَةِ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، عَلَى تَسْلِيمِ قِيَامِهَا مَقَامَ الْقَبْضِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ مَنْ يَعْتَادُ الْغَوْصَ فِي الْبَحْرِ لِغَيْرِهِ: مَا أَخْرَجْتُهُ فِي هَذِهِ الْغَوْصَةِ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ. قَوْلُهُ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاعَ ثَمَرٌ حَتَّى يُطْعَمَ» سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الصُّوفِ مَا دَامَ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ، وَالْعِلَّةُ الْجَهَالَةُ وَالتَّأْدِيَةُ إلَى الشِّجَارِ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَمْنٌ فِي لَبَنٍ) يَعْنِي: لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) هُمَا مُفَسَّرَانِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ فِي اللِّبَاسِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ فُسِّرَا بِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ: أَنْ يَمَسَّ الثَّوْبَ وَلَا يَنْظُرَ إلَيْهِ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَطْرَحَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ وَيَنْظُرَ إلَيْهِ، وَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِأَبِي عَوَانَةَ عَنْ يُونُسَ: أَنْ يَتَبَايَعَ الْقَوْمُ السِّلَعَ لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا، أَوْ يَتَنَابَذُ الْقَوْمُ السِّلَعَ كَذَلِكَ، فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: الْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَقُولَ: أَلْقِ إلَيَّ مَا مَعَكَ وَأُلْقِي إلَيْكَ مَا مَعِي. وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَبِيعُكَ ثَوْبِي بِثَوْبِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>