للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَسَوْمِهِ إلَّا فِي الْمُزَايَدَةِ

٢٢٠٩ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِلنَّسَائِيِّ: «لَا يَبِيعُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَيْعِ الشِّرَاءَ) .

٢٢١٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِهِ» وَفِي لَفْظٍ: «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٢٢١١ - وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا فِيمَنْ يَزِيدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ

ــ

[نيل الأوطار]

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَلَقِّيهِمْ لِلْبَيْعِ مِنْهُمْ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي هِيَ مُرَاعَاةُ نَفْعِ الْجَالِبِ أَوْ أَهْلِ السُّوقِ أَوْ الْجَمِيعِ حَاصِلَةٌ فِي ذَلِكَ وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: " لَا يَبِعْ " فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ لَهُمْ وَالْبَيْعَ مِنْهُمْ، وَظَاهِرُ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْمُتَلَقِّي الْجَالِبَ بِطَلَبِ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْعَكْسِ.

وَشَرَطَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي النَّهْي أَنْ يَكُونَ الْمُتَلَقِّي هُوَ الطَّالِبُ، وَبَعْضُهُمْ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَلَقِّي قَاصِدًا لِذَلِكَ، فَلَوْ خَرَجَ لِلسَّلَامِ عَلَى الْجَالِبِ أَوْ لِلْفُرْجَةِ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى فَوَجَدَهُمْ فَبَايَعَهُمْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّهْيُ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْمَعْنَى لَمْ يُفَرِّقْ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَشَرَطَ الْجُوَيْنِيُّ فِي النَّهْيِ أَنْ يَكْذِبَ الْمُتَلَقِّي فِي سِعْرِ الْبَلَدِ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَشَرَطَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ عَلَيْهِمْ فِي الدُّخُولِ، وَشَرَطَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِكَسَادِ مَا مَعَهُمْ وَالْكُلُّ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ النَّهْيِ أَيْضًا أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَسَافَةَ الْقَصِيرَةَ وَالطَّوِيلَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: مِيلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا: فَرْسَخَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَوْمَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ التَّلَقِّي، فَقِيلَ: الْخُرُوجُ مِنْ السُّوقِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَقِيلَ: الْخُرُوجُ مِنْ الْبَلَدِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاللَّيْثُ وَالْمَالِكِيَّةُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>