للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْمَذْكُورُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَحِيرِ بْنِ رَيْشَانَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقْبَلُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو وَائِلٍ الْمَذْكُورُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ: " تَحَالَفَا " فَقَالَ الْحَافِظُ: لَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا عِنْدَهُمْ «وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ» انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْقَطِعٌ إلَّا أَنَّهُ مَشْهُورُ الْأَصْلِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ فُرُوعِهِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَأَعَلَّهُ هُوَ وَابْنُ الْقَطَّانِ بِالْجَهَالَةِ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَبُولِهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ كَمَا اصْطَلَحُوا عَلَى قَبُولِ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَإِسْنَادُهُ فِيهِ مَا فِيهِ اهـ

قَوْلُهُ: (الْبَيِّعَانِ) أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ، وَلَمْ يُذْكَرْ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَحَذْفُ الْمُتَعَلَّقِ مُشْعِرٌ بِالتَّعْمِيمِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي فَيَعُمُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَفِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَمَا وَقَعَ فِي الْبَابِ لَا يُنَافِي هَذَا الْعُمُومَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْحَذْفِ قَوْلُهُ: (صَاحِبُ السِّلْعَةِ) هُوَ الْبَائِعُ كَمَا وَقَعَ فِي التَّصْرِيحِ بِهِ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ فَلَا وَجْهَ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْبَعْضِ أَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ فِي الْحَالِ هُوَ الْمُشْتَرِي

وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْآخِرَةِ.

وَهَذَا إذَا لَمْ يَقَعْ التَّرَاضِي بَيْنَهُمَا عَلَى التَّرَادِّ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، فَلَا يَكُونُ لَهُمَا خَلَاصٌ عَنْ النِّزَاعِ إلَّا التَّفَاسُخَ أَوْ حَلِفَ الْبَائِعِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ بَقَاءِ الْمَبِيعِ وَتَلَفِهِ لِمَا عَرَفْت مِنْ عَدَمِ انْتِهَاضِ الرِّوَايَةِ الْمُصَرَّحِ فِيهَا بِاشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْمَبِيعِ لِلِاحْتِجَاجِ، وَالتَّرَدُّدُ مَعَ التَّلَفِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَرْجِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْقِيَمِيِّ إذَا تَقَرَّرَ لَكَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ إلَى الْعَمَلِ بِهِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الِاخْتِلَافِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ، بَلْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا طَوِيلًا عَلَى حَسَبِ مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْفُرُوعِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَالِاخْتِلَافُ فِي بَعْضٍ

وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بَائِعًا وَالْآخَرُ مُشْتَرِيًا أَوْ لَا وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ.

وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَبَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَتَعَارَضَانِ بِاعْتِبَارِ مَادَّةِ الِاتِّفَاقِ وَهِيَ حَيْثُ يَكُونُ الْبَائِعُ مُدَّعِيًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرْجَعَ فِي التَّرْجِيحِ إلَى الْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ، وَحَدِيثُ «إنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إلَى أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ، وَهُوَ أَيْضًا فِي صَحِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>