للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى

وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي جَامِعِهِ بِلَفْظِ: «إذَا ارْتَهَنَ شَاةً شَرِبَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ لَبَنِهَا بِقَدْرِ عَلَفِهَا، فَإِنْ اسْتَفْضَلَ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَلَفِ فَهُوَ رِبًا» فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ إذَا قَامَ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَنْتَفِعُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ، بَلْ الْفَوَائِدُ لِلرَّاهِنِ وَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ قَالُوا: وَالْحَدِيثُ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا التَّجْوِيزُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَنْ يَرْكَبَ وَيَشْرَبَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالثَّانِي تَضْمِينُهُ ذَلِكَ بِالنَّفَقَةِ لَا بِالْقِيمَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ تَرُدُّهُ أُصُولٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَآثَارٌ ثَابِتَةٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهَا

وَيَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ «لَا تُحْلَبُ مَاشِيَةُ امْرِئٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ» وَيُجَابُ عَنْ دَعْوَى مُخَالَفَةِ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِلْأُصُولِ بِأَنَّ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُصُولِ فَلَا تُرَدُّ إلَّا بِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَعَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْبَابِ خَاصٌّ، فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُت إلَّا بِدَلِيلٍ يَقْضِي بِتَأَخُّرِ النَّسْخِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمْعُ لَا بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرْهُونِ، فَيُبَاحُ حِينَئِذٍ لِلْمُرْتَهِنِ، وَأَجْوَدُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْجُمْهُورِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي، وَسَتَعْرِفُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (الدَّرِّ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الدَّارَّةِ: أَيْ: لَبَنُ الدَّابَّةِ ذَاتِ الضَّرْعِ وَقِيلَ: هُوَ هَاهُنَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: ٩]

٢٣٠٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ) الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَصَحَّحَ أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ الْقَطَّانِ إرْسَالَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِدُونِ ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَهُ طُرُقٌ فِي الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَقَالَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ إرْسَالُهُ اهـ وَسَاقَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْأَنْطَاكِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الثِّقَاتِ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>