للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ

٢٣٠٥ - (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَى الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: أَنَا أَتَكَفَّلُ بِهِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِنْشَاءِ لَا يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ بِمَا مَضَى)

ــ

[نيل الأوطار]

بِإِسْكَانِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَاللُّغَةِ

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَّا أُتْبِعَ، فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّاءِ، مَبْنِيًّا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَأَمَّا فَلْيَتْبَعْ فَالْأَثَرُ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالتَّشْدِيدِ وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ وَتَعَقَّبَ الْحَافِظُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ بِقَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: إنَّ أَكْثَرَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُونَهُ، يَعْنِي: اتَّبِعْ بِتَشْدِيدِ التَّاء وَالصَّوَابُ التَّخْفِيفُ وَالْمَعْنَى: إذَا أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ كَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى

قَوْلُهُ: (عَلَى مَلِيءٍ) قِيلَ: هُوَ بِالْهَمْزِ، وَقِيلَ: بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْكَرْمَانِيِّ: الْمَلِيُّ، كَالْغَنِيِّ لَفْظًا وَمَعْنًى وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّهُ فِي الْأَصْلِ بِالْهَمْزِ، وَمَنْ رَوَاهُ بِتَرْكِهَا فَقَدْ سَهَّلَهُ قَوْلُهُ: (فَاتَّبِعْهُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هَذَا بِتَشْدِيدِ التَّاءِ بِلَا خِلَافٍ وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أُحِيلَ بِحَقِّهِ عَلَى مَلِيءٍ أَنْ يَحْتَالَ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ الْحَافِظُ: وَوَهِمَ مَنْ نَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ

وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْمَطْلُ مَعَ الْغِنَى كَبِيرَةٌ أَمْ لَا؟ وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْفِسْقِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَفْسُقُ بِمَرَّةٍ أَوْ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ؟ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الطَّلَبُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَلْ يَتَّصِفُ بِالْمَطْلِ مَنْ لَيْسَ الْقَدْرُ الَّذِي عَلَيْهِ حَاضِرًا عِنْدَهُ لَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِالتَّكَسُّبِ مَثَلًا؟ أَطْلَقَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَفَصَّلَ آخَرُونَ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلُ الدَّيْنِ وَجَبَ بِسَبَبٍ يَعْصِي بِهِ فَيَجِبُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى التَّكَسُّبِ لَيْسَ بِمَلِيءٍ وَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ عَلَيْهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِالْعَلِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>