. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
مَعْرُوفًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ مَأْلُوفًا بَيْنَهُمْ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَأَنْكَرَهُ بَعْضُ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَكِنَّ الْجَوَابَ مِنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَكَذَلِكَ الزُّبَيْرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا الْأَمْرِ غَيْرَ جَائِزٍ، لَكَانَ لَهُمَا عَنْ تِلْكَ الشَّرِكَةِ مَنْدُوحَةٌ
وَالْعَجَبُ مِنْ ذَهَابِ الْعِتْرَةِ إلَى عَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَهَذَا إمَامُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَقُولُ بِالْجَوَازِ مَعَ كَوْنِ أَكْثَرِهِمْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ حُجَّةً مُتَّبَعَةً يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَتَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ الْمَرْفُوعِ وَأَمَّا اعْتِذَارُ صَاحِبِ الْبَحْرِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَفِي غَايَةٍ مِنْ السُّقُوطِ، فَإِنَّ الْحَجْرَ لَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَمَا ذَهَبَ إلَى عُثْمَانَ وَسَأَلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَمَّا اعْتِذَارُهُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ اجْتِهَادٌ فَمُخَالِفٌ لِمَا تَمَشَّى عَلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَبْحَاثِ مِنْ الْجَزْمِ بِأَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ حُجَّةٌ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا كَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسْرَحٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ، عَلَى أَنَّ مَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ قَوْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الرَّفْعِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَ أَهْلِ الْبَيْتِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَغَيْرِهِمْ فِيمَا كَانَ مِنْ مَوَاطِنَ الِاجْتِهَادِ، وَكَثِيرًا مَا تَرَى جَمَاعَةً مِنْ الزَّيْدِيَّةِ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ يَجْزِمُونَ بِحُجِّيَّةِ قَوْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنْ وَافَقَ مَا يَذْهَبُونَ إلَيْهِ وَيَعْتَذِرُونَ عَنْهُ إنْ خَالَفَ بِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ كَمَا يَقَعُ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ إذَا وَافَقَ قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا يَذْهَبُونَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إجْمَاعًا.
وَيَقُولُونَ: إنْ خَالَفَ مَا يَذْهَبُونَ إلَيْهِ قَوْلُ صَحَابِيٍّ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَهَكَذَا يَحْتَجُّونَ بِأَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلْمَذْهَبِ، وَيَعْتَذِرُونَ عَنْهَا إنْ خَالَفَتْ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْوَجْهِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَقَعَتْ فَلَا تَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ، هَذَا مِنْكَ عَلَى ذِكْرٍ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمَزَالِقِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ عِنْدَهَا الْإِنْصَافُ وَالِاعْتِسَافُ
وَقَدْ قَدَّمْنَا التَّنْبِيهَ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَكَرَّرْنَاهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْذِيرِ عَنْ الِاغْتِرَارِ بِذَلِكَ وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ سَيِّئَ التَّصَرُّفِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] قَالَ فِي الْكَشَّافِ: السُّفَهَاءُ: الْمُبَذِّرُونَ أَمْوَالَهُمْ الَّذِينَ يُنْفِقُونَهَا فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَلَا يَدَ لَهُمْ بِإِصْلَاحِهَا وَتَثْمِيرِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَالْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَأَضَافَ الْأَمْوَالَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُقِيمُ بِهِ النَّاسُ مَعَايِشَهُمْ كَمَا قَالَ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى قَوْلُهُ: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: ٥] ثُمَّ قَالَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: ٥] وَاجْعَلُوهَا مَكَانًا لِرِزْقِهِمْ أَنْ تَتَّجِرُوا فِيهَا وَتَتَرَبَّحُوا حَتَّى تَكُونَ نَفَقَتُهُمْ مِنْ الْأَرْبَاحِ لَا مِنْ صُلْبِ الْمَالِ فَلَا يَأْكُلُهَا الْإِنْفَاقُ
وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يُخْرِجَ مَالَهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ السُّفَهَاءِ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُضَيِّعُهُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَيُفْسِدُهُ، انْتَهَى. وَقَدْ عَرَفْتَ بِهَذَا عَدَمَ اخْتِصَاصِ السُّفَهَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِالصِّبْيَانِ كَمَا قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute