كِتَابُ الْوَكَالَةِ بَابُ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْ الْعُقُودِ وَإِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
ــ
[نيل الأوطار]
فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَرْفُوعٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ: الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ وَالْمُقَارَضَةُ، وَإِخْلَاطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ لَا لِلْبَيْعِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ نَصْرُ بْنُ قَاسِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ دَاوُد وَهُمَا مَجْهُولَانِ وَقَدْ بَوَّبَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ لِلْمُضَارَبَةِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ الَّذِي سَيَأْتِي، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا سَتَعْرِفُ ذَلِكَ قَرِيبًا
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ: كُلُّ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَهَا أَصْلٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَاشَا الْقِرَاضَ فَمَا وَجَدْنَا لَهُ أَصْلًا فِيهِمَا أَلْبَتَّةَ، وَلَكِنَّهُ إجْمَاعٌ صَحِيحٌ مُجَرَّدٌ، وَاَلَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلِمَ بِهِ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا انْتَهَى وَأَحْكَامُ الْمُضَارَبَةِ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فَلَا نَشْتَغِلُ بِالتَّطْوِيلِ بِهَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الشَّرْحِ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ) أَيْ: لَا تَشْتَرِيَ بِهِ الْحَيَوَانَاتِ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لَهُ رُوحٌ عُرْضَةٌ لِلْهَلَاكِ بِطُرُوءِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute