للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ

ــ

[نيل الأوطار]

أَتَيْت أَبِي بِالدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ: (وَاَللَّهِ مَا إيَّاكَ أَرَدْت) يَعْنِي: لَوْ أَرَدْت أَنَّكَ تَأْخُذُهَا لَأَعْطَيْتُكَ إيَّاهَا مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ لَا تُجْزِئُ أَوْ تُجْزِئُ وَلَكِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (لَكَ مَا نَوَيْت) أَيْ: إنَّكَ نَوَيْت أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَابْنُكَ مُحْتَاجٌ فَقَدْ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِكَ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَلِابْنِكَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إلَى كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا حُجَّةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا لَا يَلْزَمُ أَبَاهُ نَفَقَتُهُ، وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لَا صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الْوَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِي صَرْفِ الصَّدَقَةِ، وَلِهَذَا الْحُكْمِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ هَاهُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>