بَابُ فَسَادٍ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ التِّبْنَ أَوْ بُقْعَةً بِعَيْنِهَا وَنَحْوَهُ
٢٣٥٨ - (عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ حَقْلًا، فَكُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ وَلَهُمْ هَذِهِ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ، فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ فَأَمَّا الْوَرِقُ فَلَمْ يَنْهَنَا» أَخْرَجَاهُ وَفِي لَفْظٍ: «كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْأَرْضِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا تُسَمَّى لِسَيِّدِ الْأَرْضِ، قَالَ: فَرُبَّمَا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الْأَرْضُ، وَرُبَّمَا تُصَابُ الْأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زُجِرَ عَنْهُ فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ رَافِعٍ قَالَ: «حَدَّثَنِي عَمَّايَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الْأَرْبِعَاءِ وَبِشَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ، قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ رَافِعٍ «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُكْرُونَ الْمَزَارِعَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَاذِيَانَاتِ وَمَا يَسْقِي الرَّبِيعُ وَشَيْءٍ مِنْ التِّبْنِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرْيَ الْمَزَارِعِ بِهَذَا
ــ
[نيل الأوطار]
وَأُسَيْدُ بْنِ حُضَيْرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَنَافِعٍ، قَالَ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَمِنْ الْكُوفِيِّينَ أَبُو حَنِيفَةَ اهـ وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالثَّمَرِ لَا بِهِمَا لِئَلَّا يَصِيرَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ، وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى ذَلِكَ، هَكَذَا حَكَى عَنْهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُكْرَى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ جُزْءًا مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَمَّا إذَا اكْتَرَاهَا بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي أَوْ بِطَعَامٍ حَاضِرٍ يَقْضِيهِ الْمَالِكُ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ الْحَازِمِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ لِجَمَاعَةٍ لَا سِيَّمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتِبَاطٌ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى أَفْضَى ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِي عَنْ الْعَالِمِ الْوَاحِدِ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ، وَبَعْضَهُمْ يَرْوِي قَوْلَا لِعَالِمٍ، وَآخَرَ يَرْوِي عَنْهُ نَقِيضَهُ، وَلَا جَرَمَ فَالْمَسْأَلَةُ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِيهَا وَتَعْيِينِ رَاجِحِهَا مِنْ مَرْجُوحِهَا مِنْ الْمُعْضِلَاتِ وَقَدْ جَمَعْت فِيهَا رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ مَا هُوَ الْحَقُّ وَتَفْصِيلُ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَالْإِشَارَةُ إلَى حُجَّةِ كُلِّ طَائِفَةٍ وَدَفْعِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute