للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ مَكَّةَ، فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي، فَسَاوَمَنَا سَرَاوِيلَ فَبِعْنَاهُ وَثَمَّ رَجُلٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ، فَقَالَ لَهُ: زِنْ وَأَرْجِحْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)

٢٣٦٧ - (وَعَنْ رَافِعِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: «نَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ إلَّا مَا عَمِلَتْ بِيَدَيْهَا، وَقَالَ هَكَذَا بِأَصَابِعِهِ نَحْوَ الْخَبْزِ وَالْغَزْلِ وَالنَّفْشِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)

ــ

[نيل الأوطار]

(وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي إعْطَاءِ شَيْءٍ لِآخَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ جَازَ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي بَيْعِهِ جَمَلَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَا بِلَالُ اقْضِهِ وَزِدْهُ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ قِيرَاطًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)

حَدِيثُ سُوَيْد بْنِ قَيْسٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي صَفْوَانَ بْنِ عُمَيْرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ رِفَاعَةَ إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ وَالْحَافِظُ فِي الْإِشْرَاقِ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ: رَافِعٌ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنْ بِدُونِ قَوْلِهِ: " إلَّا مَا عَمِلَتْ بِيَدَيْهَا. . . إلَخْ " قَوْلُهُ: (وَمَخْرَمَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ قَوْلُهُ: (بَزًّا) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا زَايٌ مُشَدَّدَةٌ: وَهُوَ الثِّيَابُ، وَهَجَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ: وَهِيَ مَدِينَةٌ قُرْبَ الْبَحْرَيْنِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا عَشْرُ مَرَاحِلَ قَوْلُهُ: (سَرَاوِيلَ) مُعَرَّبٌ جَاءَ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ وَهُوَ وَاحِدٌ أَشْبَهَ مَا لَا يَنْصَرِفُ قَوْلُهُ: (بِالْأَجْرِ) أَيْ: بِالْأُجْرَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْوَزَّانَ أَنْ يَزِنَ ثَمَنَ السَّرَاوِيلِ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: وَأُجْرَةُ وَزَّانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ وَزَّانِ السِّلْعَةِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ عَلَى الْبَائِعِ

قَوْلُهُ: (وَأَرْجِحْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ: أَيْ: أَعْطِهِ رَاجِحًا وَفِيهِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي بَعْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَرْجِيحِ الْمُشْتَرِي فِي وَزْنِ الثَّمَنِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ الْبَائِعِ فِي وَزْنِ الْمَبِيعِ أَوْ كَيْلِهِ وَفِيهِمَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَشَاعِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الرُّجْحَانِ هِبَةٌ مِنْهُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ الْمَجْهُولَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ ذَكَرَ هَاهُنَا طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ قَوْلُهُ: (عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ) الْكَسْبُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، تَقُولُ كَسَبْت الْمَالَ أَكْسِبُهُ كَسْبًا، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَكْسُوبُ وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>