للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَبِإِعْطَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَجْرَ لِمَنْ حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَا مَكَّنَهُ مِنْهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ عَلَى مَا يَكْتَسِبُهُ مِنْ بَيْعِ الدَّمِ، فَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَشْتَرُوهُ لِلْأَكْلِ فَيَكُونَ ثَمَنُهُ حَرَامًا، وَلَكِنَّ الْجَمْعَ بِهَذَا الْوَجْهِ بَعِيدٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَى الْجَمْعِ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِ اسْمِ الْخُبْثِ وَالسُّحْتِ عَلَى. الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ، وَقَالَ: السُّحْتُ بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ: الْحَرَامُ، أَوْ مَا خَبُثَ مِنْ الْمَكَاسِبِ فَلَزِمَ عَنْهُ الْعَارُ اهـ. وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إطْلَاقِ اسْمِ الْخُبْثِ وَالسُّحْتِ عَلَى الْمَكَاسِبِ الدَّنِيئَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً، وَالْحِجَامَةُ كَذَلِكَ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ وَجَمَعَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَمَحَلَّ الزَّجْرِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَحَكَى صَاحِبُ الْفَتْحِ عَنْ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، فَكَرِهُوا لِلْحُرِّ الِاحْتِرَافَ بِالْحِجَامَةِ وَقَالُوا: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا، وَيَجُوزُ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ مِنْهَا، وَأَبَاحُوهَا لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا، وَعُمْدَتُهُمْ حَدِيثُ مُحَيِّصَةُ، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَعْلِفَ مِنْهُ نَاضِحَهُ

وَالنَّاضِحُ: اسْمٌ لِلْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ الَّتِي يُنْضَحُ عَلَيْهَا مِنْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ وَرِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ " وَأَطْعِمْهُ نُضَّاحَكَ " بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الضَّادِ جَمْعُ نَاضِحٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: النُّضَّاحُ: الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّخِيلَ، وَاحِدُهُ نَاضِحٌ مِنْ الْغِلْمَانِ وَمِنْ الْإِبِلِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُونَ فِي الْجَمْعِ، فَجَمْعُ الْإِبِلِ نَوَاضِحُ، وَالْغِلْمَانُ نُضَّاحٌ

٢٣٧١ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: «دَعَا غُلَامًا مِنَّا حَجَمَهُ فَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ صَاعًا أَوْ صَاعَيْنِ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)

٢٣٧٢ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: «حَجَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَهُ وَكَلَّمَ سَيِّدَهُ فَخَفَّفَ عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ» وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَوْلَهُ (أَبُو طَيْبَةَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاسْمُهُ نَافِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>