بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ
٢٤٠٠ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» وَلِلْبُخَارِيِّ: «لَا
ــ
[نيل الأوطار]
أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ صَحَّحَهُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا أَعْلَمُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ
قَوْلُهُ: (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً) الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ، شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِالْحَيَاةِ وَتَعْطِيلُهَا بِالْمَوْتِ، وَالْإِحْيَاءُ أَنْ يَعْمِدَ شَخْصٌ إلَى أَرْضٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِلْكٌ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ فَيُحْيِيَهَا بِالسَّقْيِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ فَتَصِيرُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ
وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْيَاءُ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوَبِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِيمَا قَرُبَ مِمَّا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ إلَيْهِ حَاجَةٌ مِنْ مَرْعًى وَنَحْوِهِ، وَبِمِثْلِهِ قَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا) فِيهِ أَنَّ التَّحْوِيطَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ مِلْكُهَا، وَالْمِقْدَارُ الْمُعْتَبَرُ مَا يُسَمَّى حَائِطًا فِي اللُّغَةِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ بِتَنْوِينِ عِرْقٍ وَظَالِمٍ نَعْتٌ لَهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى صَاحِبِ الْعِرْقِ: أَيْ: لَيْسَ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ أَوْ إلَى الْعِرْقِ: أَيْ: لَيْسَ لِعِرْقٍ ذِي ظَالِمٍ وَيُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَيَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعِرْقِ الْأَرْضَ، وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَزْهَرِيُّ وَابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُمْ، وَبَالَغَ الْخَطَّابِيِّ فَغَلَّطَ رِوَايَةَ الْإِضَافَةِ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ يَكُونُ ظَاهِرًا وَيَكُونُ بَاطِنًا فَالْبَاطِنُ مَا احْتَفَرَهُ الرَّجُلُ مِنْ الْآبَارِ أَوْ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ الْمَعَادِنِ، وَالظَّاهِرُ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ مَنْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَمَرَ أَرْضًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ " مَنْ أَعْمَرَ " بِزِيَادَةِ الْهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَخُطِّئَ رَاوِيهَا وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اعْتَمَرَ فَسَقَطَتْ التَّاءُ مِنْ النُّسْخَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ سُمِعَ فِيهِ الرُّبَاعِيُّ، يُقَالُ: أَعْمَرَ اللَّهُ بِكَ مَنْزِلَكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مَنْ أُعْمِرَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: أَيْ: أَعْمَرَهُ غَيْرُهُ قَالَ الْحَافِظُ: وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ الْإِمَامُ قَوْلُهُ: (يَتَعَادَوْنَ يَتَخَاطُّونَ) الْمُعَادَاةُ: الْإِسْرَاعُ بِالسَّيْرِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَتَخَاطُّونَ: يَعْمَلُونَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَامَاتٍ بِالْخُطُوطِ وَهِيَ تُسَمَّى الْخِطَطَ وَاحِدَتُهَا خِطَّةٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَأَصْلُ الْفِعْلِ يَتَخَاطَطُونَ فَأُدْغِمَتْ الطَّاءُ فِي الطَّاءِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ فِي حَدِيثِ أَسْمَرَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: " لَيْسَتْ لِأَحَدٍ " أَيْ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا حُكْمَ لِتَقَدُّمِ الْكَافِرِ، أَمَّا إذَا كَانَ حَرْبِيًّا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَفِيهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute