للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب مَا جَاءَ فِي إقْطَاعِ الْمَعَادِنِ

ــ

[نيل الأوطار]

عَلَى عِشْرِينَ فَرْسَخًا مِنْ الْمَدِينَةِ، وَقَدْرُهُ مِيلٌ فِي ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ، وَأَصْلُ النَّقِيعِ كُلُّ مَوْضِعٍ يُسْتَنْقَعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَهَذَا النَّقِيعُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ نَقِيعِ الْخُضُمَّاتِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُمَا وَاحِدٌ، قَالَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَوْلُهُ: (لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْحَدِيثِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا مَا حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ مَعْنَاهُ: إلَّا عَلَى مِثْلِ مَا حَمَاهُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاةِ بَعْدَهُ أَنْ يَحْمِيَ " وَعَلَى الثَّانِي يَخْتَصُّ الْحِمَى بِمَنْ قَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الْخَلِيفَةُ خَاصَّةً

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَخَذَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مِنْ هَذَا أَنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ اهـ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ أَلْحَقَ بِالْخَلِيفَةِ وُلَاةَ الْأَقَالِيمِ قَالَ الْحَافِظُ: وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَنْ لَا يَضُرَّ بِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِلْخَيْلِ " خَيْلِ الْمُسْلِمِينَ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ عَلَى فَرْضِ إلْحَاقِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْمِيَ لِنَفْسِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ، قَالُوا: بَلْ يَحْمِي لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَنْعَامِهِمْ، وَلَا سِيَّمَا أَنْعَامِ مَنْ ضَعُفَ مِنْهُمْ عَنْ الِانْتِجَاعِ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْحِمَى، وَالْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِجَوَازِ الْإِحْيَاءِ مُعَارَضَةٌ، وَمَنْشَأُ هَذَا الظَّنِّ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْحِمَى أَخَصُّ مِنْ الْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَةٌ، فَالْحِمَى الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا يُحْمَى مِنْ الْمَوَاتِ الْكَثِيرَةِ الْعُشْبِ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً كَفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِحْيَاءُ الْمُبَاحُ مَا لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ شَامِلَةً فَافْتَرَقَا قَالَ: وَإِنَّمَا تُعَدُّ أَرْضُ الْحِمَى مَوَاتَا لِكَوْنِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ، لَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْعَامِرَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْعَامَّةِ قَوْلُهُ: (وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى سَرِفَ) لَفْظُ الْبُخَارِيِّ " الشَّرَفُ " بِالتَّعْرِيفِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالشَّرَفُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ فِي الْمَشْهُورِ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

وَقَالَ فِي مُوَطَّإِ ابْنِ وَهْبٍ: بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ، قَالَ: وَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ أَوْ أَصْلَحَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا شَرَفُ: فَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَلَا يَدْخُلُهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ قَوْلُهُ: (وَالرَّبَذَةُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ " أَنَّ عُمَرَ حَمَى الرَّبَذَةَ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ " قَوْلُهُ: (هُنَيًّا) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ قَوْلُهُ: (الصُّرَيْمَةُ) تَصْغِيرُ صِرْمَةَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إلَى الثَّلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ مِنْ الْعَشْرِ إلَى الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>