بَابُ تَمَلُّكِ زَرْعِ الْغَالِبِ بِنَفَقَتِهِ وَقَلْعِ غَرْسِهِ
ــ
[نيل الأوطار]
؛ لِأَنَّهَا لَوْ فُتِقَتْ لَاكْتَفَى فِي حَقِّ هَذَا الْغَاصِبِ بِتَطْوِيقِ الَّتِي غَصَبَهَا لِانْفِصَالِهَا عَمَّا تَحْتَهَا، أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعَ أَطْبَاقٌ كَالسَّمَوَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: " سَبْعُ أَرَضِينَ " سَبْعَةُ أَقَالِيمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُطَوَّقْ الْغَاصِبُ شِبْرًا مِنْ إقْلِيمٍ آخَرَ، قَالَهُ ابْنُ التِّينِ، وَهُوَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا كَانَ سَبَبَهَا وَإِلَّا فَمَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ اهـ
٢٤٣١ - (وَعَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَرْضٍ بِالْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي اغْتَصَبَهَا هَذَا وَأَبُوهُ، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَحْلِفْهُ إنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي وَأَرْضُ وَالِدِي اغْتَصَبَهَا أَبُوهُ، فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهُ لَا يَقْتَطِعُ عَبْدٌ أَوْ رَجُلٌ بِيَمِينِهِ مَالًا إلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَهُوَ أَجْذَمُ، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضُهُ وَأَرْضُ وَالِدِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)
الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الْمُسَبِّحِيُّ لَهُ غَرَائِبُ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَلِلْأَشْعَثِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقِصَّةُ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي بَابِ اسْتِحْلَافِ الْمُنْكِرِ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ بِنَحْوِ مَا هُنَا، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَالِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَالْحَضْرَمِيُّ هُوَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَالْكِنْدِيُّ هُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ بِلَفْظٍ " جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . إلَخْ " وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْحَضْرَمِيَّ غَيْرُ وَائِلٍ وَأَيْضًا قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: اسْمُ الْحَضْرَمِيِّ رَبِيعَةُ بْنُ عِبْدَانَ، وَكَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي إحْدَى رِوَايَتَيْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ
، وَعِبْدَانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إذَا طُلِبَتْ يَمِينُ الْعِلْمِ وَجَبَتْ، وَعَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَعِظَ مَنْ رَامَ الْحَلِفَ قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَقْتَطِعُ عَبْدٌ. . . إلَخْ) لَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute