٢٤٧١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: اُنْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي فَإِنِّي فَادَيْت نَفْسِي وَعَقِيلًا، قَالَ: خُذْ، فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إلَيَّ؟ قَالَ لَا، قَالَ: ارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ لَا: فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، قَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ لَا، قَالَ: ارْفَعْهُ عَلَيَّ أَنْتَ، قَالَ لَا، فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ»
ــ
[نيل الأوطار]
وَصَلَتْ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ جَارِيَةً عَلَى أَيْدِي الْعِبَادِ لِإِثَابَةِ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى يَدِهِ فَالْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: (يُطْرِفُهُ إيَّاهُ) بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءُ بَعْدَهَا فَاءٌ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الطُّرْفَةُ بِالضَّمِّ الِاسْمِ مِنْ الطَّرِيفِ وَالطَّارِفِ وَالْمُطْرِفِ لِلْمَالِ الْمُسْتَحْدَثِ قَالَ: وَالْغَرِيبُ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (فَيَقْبَلُهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَبُولِ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ فِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى اعْتِبَارِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَبَضَ الْهَدِيَّةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إلَى النَّجَاشِيِّ بَعْدَ رُجُوعِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْإِهْدَاءِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ، وَلَوْ كَانَتْ تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لَمَا قَبَضَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلنَّجَاشِيِّ عِنْدَ بَعْثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ صَارَتْ لِوَرَثَتِهِ وَإِلَى اعْتِبَارِ الْقَبُولِ فِي الْهِبَةِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالنَّاصِرُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ كَافٍ
١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute