. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي ذَوِي رَحِمِهِ وَكَانَ مِنْهُمْ حَسَّانُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَى غَيْرَهُمَا مَعَهُمَا وَفِي مُرْسَلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ " فَرَدَّهُ عَلَى أَقَارِبِهِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأَخِيهِ أَوْ ابْنِ أَخِيهِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَنُبَيْطِ بْنِ جَابِرٍ فَتَقَاوَمُوهُ، فَبَاعَ حَسَّانُ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ "
قَوْلُهُ: (ابْنِ حَرَامٍ) بِالْمُهْمَلَتَيْنِ قَوْلُهُ: (ابْنِ زَيْدِ مَنَاةَ) هُوَ بِالْإِضَافَةِ قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ أُبَيٍّ وَأَبِي طَلْحَةَ سِتَّةُ آبَاءٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ مُلْبِسٌ مُشْكِلٌ، وَشَرَعَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي بَيَانِهِ، وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي حَيْثُ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ هُوَ ابْنُ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا اهـ وَفِي قِصَّةِ أَبِي طَلْحَةَ هَذِهِ فَوَائِدُ: مِنْهَا: أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ فِي انْعِقَادِهِ إلَى قَبُولِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُفَرَّقَ ثُلُثُ مَالِهِ حَيْثُ أَرَى اللَّهُ الْوَصِيَّ إنَّهَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَيُفَرِّقُهُ الْوَصِيُّ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يُعْطِي مِنْهُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ
وَفِيهِ جَوَازُ التَّصَدُّقِ مِنْ الْحَيِّ فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَفْصِلْ أَبَا طَلْحَةَ عَنْ قَدْرِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِهِ: " الثُّلُثُ كَثِيرٌ " وَفِيهِ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ إضَافَةِ حُبِّ الْمَالِ إلَى الرَّجُلِ الْفَاضِلِ الْعَالِمِ وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْإِنْسَانِ {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] وَالْخَيْرُ هُنَا الْمَالُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ وَفِيهِ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ فَهِمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] تَنَاوُلَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَلَمْ يَقِفْ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ عَنْ شَيْءٍ يُعِينُهُ، بَلْ بَادَرَ إلَى إنْفَاقِ مَا يُحِبُّهُ، فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ
وَفِيهِ جَوَازُ تَوَلِّي الْمُتَصَدِّقِ لِقَسْمِ صَدَقَتِهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ الْغَنِيِّ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إذَا حَصَلَتْ لَهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَبْسِ وَالْوَقْفِ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا حَجَّةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةُ أَبِي طَلْحَةَ صَدَقَةَ تَمْلِيكٍ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ إِسْحَاقَ، يَعْنِي فِي رِوَايَةٍ الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ لِأَنَّ بَنِي حَرَامٍ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ أَبُو طَلْحَةَ وَحَسَّانُ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ كَثِيرًا قَوْلُهُ: (فَعَمَّ وَخَصَّ) أَيْ جَاءَ بِالْعَامِّ أَوَّلًا فَنَادَى بَنِي كَعْبٍ، ثُمَّ خَصَّ بَعْضَ الْبُطُونِ فَنَادَى بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ ثُمَّ كَذَلِكَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَنْ نَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ لَفْظُ الْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ مُمْتَثِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى دُخُولِ النِّسَاءِ فِي الْأَقَارِبِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَلِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute