للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَنَّ وَلِيَّ الْمَيِّتِ يَقْضِي دَيْنَهُ إذَا عَلِمَ صِحَّتَهُ

ــ

[نيل الأوطار]

ضَمَّنَ تَبَوَّءُوا هُنَا مَعْنَى لَزِمُوا، أَوْ عَامِلُ نَصْبِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ وَاعْتَقَدُوا أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ لِشِدَّةِ ثُبُوتِهِ فِي قُلُوبِهِمْ كَأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِمْ فَكَأَنَّهُمْ نَزَلُوهُ

قَوْلُهُ: (فَهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ) أَيْ عَوْنُ الْإِسْلَامِ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُ وَغَيْظَ الْعَدُوِّ: أَيْ يَغِيظُونَ الْعَدُوَّ بِكَثْرَتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ قَوْلُهُ: (إلَّا فَضْلَهُمْ) أَيْ إلَّا مَا فَضُلَ عَنْهُمْ قَوْلُهُ: (مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ) أَيْ مَا لَيْسَ بِخِيَارٍ؛ وَالْمُرَادُ بِذِمَّةِ اللَّهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ؛ وَالْمُرَادُ بِالْقِتَالِ مَنْ وَرَائِهُمْ: أَيْ إذَا قَصَدَهُمْ عَدُوٌّ قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقْنَا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " فَانْقَلَبْنَا " أَيْ رَجَعْنَا قَوْلُهُ: (فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبِيهِ) قَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْقُبُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُكَرَّمَةِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ قَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَرَاءَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَبْرَ عُمَرَ وَرَاءَ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَقِيلَ: إنَّ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ، وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَقَبْرَ عُمَرَ حِذَاءَ مَنْكِبَيْ أَبِي بَكْرٍ

وَقِيلَ: قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَبْرُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلَيْ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ) أَيْ فِي الِاخْتِيَارِ لِيَقِلَّ الِاخْتِلَافُ، كَذَا قَالَ ابْنُ التِّينِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمَدَائِنِيِّ فِي رِوَايَتِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَاَللَّهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ) بِالرَّفْعِ فِيهِمَا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ: أَيْ عَلَيْهِ رَقِيبٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ

قَوْلُهُ: (أَفْضَلُهُمْ فِي نَفْسِهِ) أَيْ فِي مُعْتَقَدِهِ، زَادَ الْمَدَائِنِيُّ فِي رِوَايَةٍ: " فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ وَقَالَ عَلِيٌّ: أَعْطِنِي مَوْثِقًا لَتُؤْثِرَنَّ الْحَقَّ وَلَا تَخُصَّنَّ ذَا رَحِمٍ، فَقَالَ: نَعَمْ " قَوْلُهُ: (فَأُسْكِت) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ كَأَنَّ مُسْكِتًا أَسْكَتَهُمَا، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى سَكَتَ، وَالْمُرَادُ بِالشَّيْخَيْنِ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا) هُوَ عَلِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالْآخَرِ فِي قَوْلِهِ: " ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ " هُوَ عُثْمَانُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سِيَاقُ الْكَلَامِ قَوْلُهُ: (وَالْقِدَمُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، زَادَ الْمَدَائِنِيُّ " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْت لَوْ صُرِفَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْك فَلَمْ تَحْضُرْ مَنْ كُنْت تَرَى أَحَقَّ بِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ، قَالَ: عُثْمَانُ، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: عَلِيٌّ " وَزَادَ أَيْضًا: " أَنَّ سَعْدًا أَشَارَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِعُثْمَانَ، وَأَنَّهُ دَارَ تِلْكَ اللَّيَالِي كُلَّهَا عَلَى الصَّحَابَةِ، وَمَنْ وَافَى الْمَدِينَةَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، لَا يَخْلُو بِرَجُلٍ مِنْهُمْ إلَّا أَمَرَهُ بِعُثْمَانَ " وَفِي هَذَا الْأَثَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ أَمْرِ الْخِلَافَةِ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ، كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ وَعَقْدُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ

قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ، وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ حَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ اسْتِخْلَافٌ غَيْرُهُ، وَعَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخِلَافَةِ شُورَى بَيْنَ عَدَدٍ مَحْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ خَلِيفَةٍ، وَعَلَى أَنَّ وُجُوبَهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ كَالْأَصَمِّ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ فَقَالُوا: لَا يَجِبُ نَصْبُ الْخَلِيفَةِ وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَالُوا: يَجِبُ بِالْعَقْلِ لَا بِالشَّرْعِ، وَهُمَا بَاطِلَانِ، وَلِلْكَلَامِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>