للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

طُعْمَةٌ: أَيْ زَائِدٌ عَلَى السَّهْمِ الْمَفْرُوضِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْمَفْرُوضِ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ كَالْفَرْضِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْجَدِّ اخْتِلَافًا طَوِيلًا فَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْجَدِّ قَضَايَا مُخْتَلِفَةً وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي ذَلِكَ آثَارًا كَثِيرَةً وَرَوَى الْخَطَّابِيِّ فِي الْغَرِيبِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْت عُبَيْدَةَ عَنْ الْجَدِّ فَقَالَ: مَا يُصْنَعُ بِالْجَدِّ لَقَدْ حَفِظْت فِيهِ عَنْ عُمَرَ مِائَةَ قَضِيَّةٍ يُخَالِفُ بَعْضَهَا بَعْضًا ثُمَّ أَنْكَرَ الْخَطَّابِيِّ هَذَا إنْكَارًا شَدِيدًا، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا حَكَى ذَلِكَ الْبَزَّارُ وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْأَبِ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مِنْ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ الْكَلَامَ فِيهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ شَبَّهَ الْجَدَّ بِالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ الْكَبِيرِ وَالْأَبَ بِالْخَلِيجِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَالْمَيِّتَ وَإِخْوَتَهُ كَالسَّاقِيَتَيْنِ الْمُمْتَدَّتَيْنِ مِنْ الْخَلِيجِ، وَالسَّاقِيَةُ إلَى السَّاقِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى الْبَحْرِ، أَلَا تَرَى إذَا سُدَّتْ إحْدَاهُمَا أَخَذَتْ الْأُخْرَى مَاءَهَا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى الْبَحْرِ وَشَبَّهَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ بِسَاقِ الشَّجَرَةِ وَأَصْلُهَا وَالْأَبُ كَغُصْنٍ مِنْهَا وَالْإِخْوَةَ كَغُصْنَيْنِ تَفَرَّعَا مِنْ ذَلِكَ الْغُصْنِ، وَأَحَدُ الْغُصْنَيْنِ إلَى الْآخَرِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قُطِعَ أَحَدُهُمَا امْتَصَّ الْآخَرُ مَا كَانَ يَمْتَصُّ الْمَقْطُوعَ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّاقِ؟ هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ قِصَّةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْأَكْثَرِ: وَلَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ الْجَدُّ بَلْ يُقَاسِمُهُمْ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْمُقَاسَمَةِ أَبُو بَكْرٍ وَعَائِشَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُعَاذٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ، بَلْ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ كَالْأَبِ إذْ سَمَّاهُ اللَّهُ أَبًا فَقَالَ: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨] لَنَا قَوْله تَعَالَى فِي الْأَخِ: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] ، وَهَذَا عَامٌّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ، وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَمَا سَقَطَ مَعَ الْأَبِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنَّ الْإِخْوَةَ كَالْبَنِينَ بِدَلِيلِ تَعْصِيبِهِمْ أَخَوَاتِهِمْ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطُوا مَعَ الْجَدِّ.

وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْجَدِّ أَبًا فَمَجَازٌ فَلَا يَلْزَمُنَا قَالَ: فَرْعٌ: اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ الْمُقَاسَمَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَالْإِمَامِيَّةُ يُقَاسِمُهُمْ مَا لَمْ تُنْقِصُهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْ السُّدُسِ، فَإِنْ نَقَصَتْهُ رُدَّ إلَى السُّدُسِ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يُقَاسِمُ إلَى التُّسْعِ رَوَتْهُ الْإِمَامِيَّةُ قُلْنَا: رِوَايَتُنَا أَشْهُرُ إذْ رَاوِيهَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالنَّاصِرُ وَمَالِكٌ: بَلْ يُقَاسِمُهُمْ إلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْهُ رُدَّ إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَذْكُورِ

وَقَالَ النَّاصِرُ: إنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ أَبَدًا وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَزْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>