بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَالزَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَمِيرَاثُهُمَا مِنْهُ وَانْقِطَاعُهُ مِنْ الْأَبِ
٢٥٦٣ - (فِي حَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ الَّذِي يَرْوِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: «وَكَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ ابْنُهَا يُنْسَبُ إلَى أُمِّهِ، فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا» أَخْرَجَاهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
تَلْقَاهُ فَادْفَعْهُ إلَيْهِ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: اُنْظُرْ أَكْبَرَ خُزَاعَةَ فَادْفَعْهُ إلَيْهِ» .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ آخَرَ قَالَ: «مَاتَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِيرَاثِهِ، فَقَالَ: الْتَمِسُوا لَهُ وَارِثًا أَوْ ذَا رَحِمٍ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ وَارِثًا، فَقَالَ: اُنْظُرُوا أَكْبَرَ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ» وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: «كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ، فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرَ، فَنَسَخَ ذَلِكَ الْأَنْفَالُ فَقَالَ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: ٦] » وَفِي إسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهِ: «فَصَارَتْ الْمَوَارِيثُ بَعْدُ لِلْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَةِ، وَانْقَطَعَتْ تِلْكَ الْمَوَارِيثُ بِالْمُؤَاخَاةِ» ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ وَمَعْنَاهُ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ
قَوْلُهُ: (فَأَعْطَاهُ مِيرَاثَهُ) قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ لَا مِنْ بَابِ التَّوْرِيثِ قَوْلُهُ: (هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَمَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَانَ لَهُ مِيرَاثُهُ.
وَقَالَ النَّاصِرُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا وَارِثَ لَهُ، بَلْ يُصْرَفُ الْمِيرَاثُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ دُونَهُ وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْقَاسِمِيَّةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْحَاقُ: إنَّهُ يَرِثُ، إلَّا أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمُؤَيَّدَ بِاَللَّهِ يَشْتَرِطُونَ فِي إرْثِهِ الْمُحَالَفَةَ قَوْلُهُ: (هَلْ لَهُ مِنْ نَسِيبٍ أَوْ رَحِمٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَعْطُوا مِيرَاثَهُ بَعْضَ أَهْلِ قَرْيَتِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَرْفِ مِيرَاثِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْلُومٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: " ادْفَعُوا إلَى أَكْبَرِ خُزَاعَةَ " إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّوْرِيثِ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ يَجْتَمِعُ هُوَ وَقَبِيلَتُهُ فِي جَدٍّ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ وَارِثٌ مِنْهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ نَسَبًا، لِأَنَّ، كِبَرَ السِّنِّ مَظِنَّةٌ لِعُلُوِّ الدَّرَجَةِ قَوْلُهُ: (وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَرَادَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي السِّهَامِ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْحُلَفَاءِ وَالْمُدَّعِينَ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: نَسَخَتْ مِيرَاثَهُمَا قَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٦] أَيْ إلَى حُلَفَائِكُمْ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٌ: بَلْ إلَى قَرَابَتِهِمْ الْمُشْرِكِينَ فَأَجَازُوا الْوَصِيَّةَ لَهُمْ لِلْآيَةِ قَالَ الْمَهْدِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] فَكَيْفَ سَمَّاهُمْ أَوْلِيَاءَ الْمُؤْمِنِينَ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute