للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مُسْنَدٌ وَمُرْسَلٌ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد ثِقَاتٌ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد لِأَنَّهُ قَالَ فِي السُّنَنِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا لَفْظُهُ: وَرَوَاهُ، يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَعَلَهُ إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ مِنْ قَوْلِ عِكْرِمَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ

قَوْلُهُ: (فَهُوَ رَقِيقٌ) أَيْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ رِقٌّ مَمْلُوكٌ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ، وَهُوَ الْقَدِيمُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: بِيعَتْ بَرِيرَةُ بِعِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ فَفِيهِ أَبْيَنُ بَيَانٍ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ خَبَرًا يُعَارِضُهُ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ دَلِيلًا عَلَى عَجْزِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَبِهِ قَالَتْ الْعِتْرَةُ، قَالُوا: لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ بِدَلِيلِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَالِاسْتِخْدَامِ، وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَجَزَتْ وَكَانَ بَيْعُهَا فَسْخًا لِكِتَابَتِهَا، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ

قَوْلُهُ: (فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ) ظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ إذَا كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ حُرًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَهُ إلَى مَوْلَاتِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْ مُكَاتَبِهَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي لِتَعْظِيمِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِهِنَّ، ثُمَّ قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَاحْتِجَابُ الْمَرْأَةِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرَاهَا وَاسِعٌ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ رَجُلٍ قَضَى أَنَّهُ أَخُوهَا، وَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلِاحْتِيَاطِ وَأَنَّ الِاحْتِجَابَ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَرَاهَا مُبَاحٌ اهـ

وَالْقَرِينَةُ الْقَاضِيَةُ بِحَمْلِ هَذَا الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ تَسْلِيمِ جَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ السَّلَفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ وَمِنْ مُتَمَسَّكَاتِهِمْ لِذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَغُرَّنَّكُمْ آيَةُ النُّورِ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْإِمَاءُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَخَصَّهُنَّ بِالذِّكْرِ لِتَوَهُّمِ مُخَالَفَتِهِنَّ لِلْحَرَائِرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] اهـ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَقَالُوا: حُكْمُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ تَسْلِيمِ جَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْإِرْثِ وَالْأَرْشِ وَالدِّيَةِ وَالْحَدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ

وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَتَتَبَعَّضُ الْأَحْكَامُ الَّتِي يُمْكِنُ تَبَعُّضُهَا فِي حَقِّهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضَهُ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَقْوَالًا فِي الْمُكَاتَبِ الَّذِي قَدْ أَدَّى بَعْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>