للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ

٢٦١٤ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي لَفْظٍ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ - أَوْ قَالَ -: مِنْ بَعْدِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

٢٦١٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ)

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْله تَعَالَى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] فَإِنَّهُ وَكَلَ الِاجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا رَأَى عَدَمَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْكِتَابَةُ عَقْدُ غَرَرٍ، فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا تَجُوزَ، فَلَمَّا وَقَعَ الْإِذْنُ فِيهَا كَانَ أَمْرًا بَعْدَ مَنْعٍ وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ لِلْإِبَاحَةِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا كَوْنُهَا مُسْتَحَبَّةً، لِأَنَّ اسْتِحْبَابَهَا ثَبَتَ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَكَسْبَهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْكِتَابَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: " خُذْ كَسْبِي وَأَعْتِقْنِي " يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ أَعْتِقْنِي بِلَا شَيْءٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ اتِّفَاقًا وَأَجَابَ عَنْ الْآيَةِ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُعَاوَضَاتِ صَرْفُهَا عَنْ الظَّاهِرِ كَالتَّخْصِيصِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْأَصْلُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلصَّرْفِ لَا لِلْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ إلْحَاقُ أَصْلٍ بِفَرْعٍ حَتَّى يُرَدَّ بِمَا ذُكِرَ وَاسْتَدَلَّ بِفِعْلِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي قِصَّةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّنْجِيمَ فِي الْكِتَابَةِ وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادِي وَأَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو طَالِبٍ إلَى اشْتِرَاطِ التَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الضَّمِّ وَهُوَ ضَمُّ بَعْضِ النُّجُومِ إلَى بَعْضٍ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّمُّ نَجْمَانِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: " إذَا تَتَابَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ فَلَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ رُدَّ إلَى الرِّقِّ " وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى الِاشْتِرَاطِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْحَتْمِ وَالتَّأْجِيلِ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا جُعِلَ لِأَجْلِ الرِّفْقِ بِالْعَبْدِ لَا بِالسَّيِّدِ، فَإِذَا قَدَرَ الْعَبْدُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَتَسْلِيمِ الْمَالِ دَفْعَةً فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنْجِيمَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا كَوْنُهُ شَرْطًا أَوْ وَاجِبًا فَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>