للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صِفَةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُسْتَحَبُّ خِطْبَتُهَا

٢٦٢٦ - (عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ وَيَنْهَى عَنْ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) .

٢٦٢٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «انْكِحُوا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي صَحِيحِهِ، وَنَقَلَهُ الْمُصْعَبِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَجْهًا وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَأَتْبَاعِهِ انْتَهَى

وَبِهِ قَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: مَعَ الْخَشْيَةِ عَلَى النَّفْسِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ عَلَى الْوَطْءِ إنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ أَوْ يَتَسَرَّى أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ الصَّوْمِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ انْتَهَى وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَادِرِ التَّائِقِ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اقْتَصَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الَّذِي نَطَقَ بِهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَدْ يَجِبُ عِنْدَنَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَنْكَفُّ عَنْ الزِّنَى إلَّا بِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمُسْتَطِيعُ الَّذِي يَخَافُ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ مِنْ الْعُزُوبَةِ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّزْوِيجِ لَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ التَّزْوِيجِ عَلَيْهِ

وَحَكَى ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ خَافَ الْعَنَتَ عَنْ الْمَازِرِيِّ، وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْهُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَنْ يُخِلُّ بِالزَّوْجَةِ فِي الْوَطْءِ وَالْإِنْفَاقِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالزَّوْجَةِ مَعَ عَدَمِ التَّوَقَانِ إلَيْهِ، وَتَزْدَادُ الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الْإِخْلَالِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَعْتَادُهَا وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا إذَا حَصَلَ بِهِ مَعْنًى مَقْصُودٌ مِنْ كَسْرِ شَهْوَةٍ وَإِعْفَافِ نَفْسٍ وَتَحْصِينِ فَرْجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْإِبَاحَةُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَتْ الدَّوَاعِي وَالْمَوَانِعُ وَقَدْ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى مِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَزَمَ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْغِيبِ فِي مُطْلَقِ النِّكَاحِ

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هُوَ مَنْدُوبٌ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ يُرْجَى مِنْهُ النَّسْلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْوَطْءِ شَهْوَةٌ، وَكَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ غَيْرَ الْوَطْءِ فَأَمَّا مَنْ لَا نَسْلَ لَهُ وَلَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَلَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَهَذَا مُبَاحٌ فِي حَقِّهِ إذَا عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَرَضِيَتْ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَنْدُوبٌ أَيْضًا لِعُمُومِ: " لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ " قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، لَكِنْ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ «إنَّ اللَّهَ أَبْدَلَنَا بِالرَّهْبَانِيَّةِ الْحَنِيفِيَّةَ السَّمْحَةَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>