للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ

٢٦٥٥ - (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَيْمُونَةَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا،

ــ

[نيل الأوطار]

وَفِي كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَتَفْسِيرُ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ تَبِعَهُ فِيهِ الْجُمْهُورُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا مَمْلُوءَةُ الْبَدَنِ بِحَيْثُ يَكُونُ لِبَطْنِهَا عُكَنٌ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلسَّمِينَةِ مِنْ النِّسَاءِ، وَجَرَتْ عَادَةُ الرِّجَالِ فِي الرَّغْبَةِ فِيمَنْ تَكُونُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ

وَقِيلَ: الْأَرْبَعُ هِيَ الشُّعَبُ الَّتِي هِيَ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ، وَالثَّمَانِ: الْكَتِفَانِ وَالْمَتْنَتَانِ وَالْأَلْيَتَانِ وَالسَّاقَانِ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ فِيهَا مَا ذُكِرَ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ الْمَقْصُودَةِ فِي الْمَقَامِ قَوْلُهُ: (هَؤُلَاءِ) إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِ الْمُخَنَّثِينَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ كَانَ الْمُخَنَّثُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةً: مَانِعٌ، وَهَدَمٌ وَهِيتٌ

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) الْإِرْبَةُ وَالْإِرْبُ: الْحَاجَةُ وَالشَّهْوَةُ. قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ التَّابِعُونَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الرَّجُلَ لِيُصِيبُوا مِنْ طَعَامِهِ وَلَا حَاجَةَ لَهُمْ إلَى النِّسَاءِ لِكِبَرٍ أَوْ تَخْنِيثٍ أَوْ عُنَّةٍ. قَوْلُهُ: (أَرَى هَذَا. . . إلَخْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا يَدُلُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَلَا يَخْطِرُ لَهُ بِبَالٍ، وَيُشْبِهُ أَنَّ التَّخْنِيثَ كَانَ فِيهِ خِلْقَةً وَطَبِيعَةً وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ، وَلِهَذَا كَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَهُ) لَفْظُ الْبُخَارِيِّ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ قَالَ: فَأَخْرَجَ فُلَانًا وَفُلَانًا» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ " وَأَخْرَجَ عُمَرُ مُخَنَّثًا " وَفِي رِوَايَةٍ " وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ آخَرَ "

قَالَ الْعُلَمَاءُ: إخْرَاجُ الْمُخَنَّثِ وَنَفْيِهِ كَانَ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ يُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَلَامُ زَالَ الظَّنُّ وَالثَّانِي: وَصْفُهُ النِّسَاءَ وَمَحَاسِنَهُنَّ وَعَوْرَاتِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ، وَقَدْ نُهِيَ أَنْ يَصِفَ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا فَكَيْفَ إذَا وَصَفَهَا غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ لِسَائِرِهِمْ؟ الثَّالِثُ: أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِعُ النِّسَاءَ وَأَجْسَامَهُنَّ وَعَوْرَاتِهِنَّ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ

قَوْلُهُ: (فَيَسْأَلُ ثُمَّ يَرْجِعُ) أَيْ يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْبَادِيَةِ، وَالْبَيْدَاءُ بِالْمَدِّ: الْقَفْرُ، وَكُلُّ صَحْرَاءَ فَهِيَ بَيْدَاءُ كَأَنَّهَا تُبِيدُ سَالِكَهَا أَيْ تَكَادُ تُهْلِكُهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْوَطَنِ لِمَا يُخَافُ مِنْ الْفَسَادِ وَالْفِسْقِ، وَجَوَازِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِلْحَاجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>