للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي الزَّوْجَيْنِ يُوَكِّلَانِ وَاحِدًا فِي الْعَقْدِ

٢٦٨٤ - (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ

ــ

[نيل الأوطار]

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَقِيلٍ فِيمَا يُقَالُ وَفِي الْبَابِ عَنْ هَبَّارٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِدَ نِكَاحَ رَجُلٍ فَقَالَ: الْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ وَالْأُلْفَةُ وَالطَّائِرُ الْمَيْمُونُ وَالسَّعَةُ وَالرِّزْقُ، بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ»

قَوْلُهُ: (إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ) جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِحَذْفِ إنَّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ بِحَذْفِ إنَّ وَإِثْبَاتِهَا بِالشَّكِّ، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ " وَفِي آخِرِهِ قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ وَفِي غَيْرِهَا؟ قَالَ: فِي كُلِّ حَاجَةٍ وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُوتِيَ جَوَامِعَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِيمَهُ، فَعَلَّمَنَا خُطْبَةَ الصَّلَاةِ وَخُطْبَةَ الْحَاجَةِ، فَذَكَرَ خُطْبَةَ الصَّلَاةِ ثُمَّ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ» قَوْلُهُ: (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) زَادَ أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَةٍ {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧١] وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا " وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَعِنْدَ كُلِّ حَاجَةٍ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ: وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: إنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى. وَيَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ حَدِيثُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورُ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْخُطْبَةُ فِي النِّكَاحِ مَنْدُوبَةً قَوْلُهُ: (رَفَّأَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ مَهْمُوزٌ: مَعْنَاهُ دَعَا لَهُ وَفِي الْقَامُوسِ: رَفَّأَهُ تَرْفِئَةً وَتَرْفِيئًا: قَالَ لَهُ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ: أَيْ بِالِالْتِئَامِ وَجَمْعِ الشَّمْلِ انْتَهَى. وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْفِئَةَ فِي الْأَصْلِ: الِالْتِئَامُ، يُقَالُ: رَفَّأَ الثَّوْبَ: لَأَمَ خَرْقَهُ وَضَمَّ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ كَانَتْ هَذِهِ تَرْفِئَةُ الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ وَأَرْشَدَ إلَى مَا فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ قَوْلُهُ: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمٍ) فِي جَامِعِ الْأُصُولِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُتَزَوِّجُ مِنْ بَنِي جُشَمٍ، وَعَزَاهُ إلَى النَّسَائِيّ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ عَنْ التَّرْفِئَةِ الَّتِي كَانَتْ تَفْعَلُهَا الْجَاهِلِيَّةُ، فَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا حَمْدَ فِيهَا وَلَا ثَنَاءَ وَلَا ذِكْرَ اللَّهِ

وَقِيلَ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى بُغْضِ الْبَنَاتِ لِتَخْصِيصِ الْبَنِينَ بِالذِّكْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ دُعَاءٌ لِلزَّوْجِ بِالِالْتِئَامِ وَالِائْتِلَافِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ اللَّفْظَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ تَفَاؤُلًا لَا دُعَاءً، فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: بِصُورَةِ الدُّعَاءِ لَمْ يُكْرَهْ، كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَهُمَا وَارْزُقْهُمَا بَنِينَ صَالِحِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>