. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ: وَقَدْ قَالَ فِيهِ الشَّاعِرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: فَكَرِهَهَا أَوْ نَهَى عَنْهَا وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيِّ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ إلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: قَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاكَ الرُّكْبَانُ وَقَالَتْ فِيهَا الشُّعَرَاءُ، قَالَ: وَمَا قَالُوا؟ فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاَللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْتُ وَمَا هِيَ إلَّا كَالْمَيْتَةِ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَرَوَى الرُّجُوعَ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: بَعْدَ أَنْ سَاقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَاتِ الرُّجُوعِ وَسَاقَ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: «إنَّمَا رَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُتْعَةِ لِعُزْبَةٍ كَانَتْ بِالنَّاسِ شَدِيدَةٍ» ثُمَّ نَهَى عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَفْظُهُ فَهَذِهِ أَخْبَارٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا
وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُتْعَةَ إنَّمَا رُخِّصَ فِيهَا بِسَبَبِ الْعُزْبَةِ فِي حَالِ السَّفَرِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «إنَّمَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ لِحَرْبِنَا وَخَوْفِنَا» وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وَيَقْرَأُ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤] قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً رَحِمَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، وَلَوْلَا نَهْيُ عُمَرَ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى الزِّنَى أَبَدًا
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُمَارَةَ مَوْلَى الشَّرِيدِ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ الْمُتْعَةِ أَسِفَاحٌ هِيَ أَمْ نِكَاحٌ؟ فَقَالَ: لَا نِكَاحٌ وَلَا سِفَاحٌ، قُلْت: فَمَا هِيَ؟ قَالَ: الْمُتْعَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، قُلْت: وَهَلْ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَيَتَوَارَثَانِ قَالَ: لَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى عَنْ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى تَحْلِيلِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَسَلَمَةُ ابْنَا أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ
وَرَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ مُدَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمُدَّةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُدَّةَ عُمَرَ إلَى قُرْبِ آخِرِ خِلَافَتِهِ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْكَرَهَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا عَدْلَانِ فَقَطْ وَقَالَ بِهَا مِنْ التَّابِعِينَ: طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ مَكَّةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ مَنْ رَوَى مِنْ الْمُحَدِّثِينَ حِلَّ الْمُتْعَةِ عَنْ الْمَذْكُورِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الْمَشْهُورِينَ بِإِبَاحَتِهَا ابْنُ جُرَيْجٍ، فَقِيهُ مَكَّةَ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ، فَذَكَرَ مِنْهَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ بِالْبَصْرَةِ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَجَعْت عَنْهَا، بَعْدَ أَنْ حَدَّثَهُمْ فِيهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا
وَمِمَّنْ حَكَى الْقَوْلَ بِجَوَازِ الْمُتْعَةِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ وَحَكَاهُ عَنْ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ وَالْإِمَامِيَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَ عَنْ الْأَوَائِلِ الرُّخْصَةُ فِيهَا، وَلَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ أَحَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute