. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
ابْنِ حِبَّانَ «نُهِيَ أَنْ تُزَوَّجَ الْمَرْأَةُ عَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَقَالَ: إنَّكُنَّ إذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْتُنَّ أَرْحَامَكُنَّ» انْتَهَى
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى قَرَابَتِهَا مَخَافَةَ الْقَطِيعَةِ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَأَخْرَجَ الْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَرَابَةِ مَخَافَةَ الضَّغَائِنِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى النَّهْيِ حَقِيقَةً، وَقَدْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ جَمِيعِ الْمُفْتِينَ وَقَالَ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَسْتُ أَعْلَمُ فِي مَنْعِ ذَلِكَ اخْتِلَافًا الْيَوْمَ، وَإِنَّمَا قَالَ بِالْجَوَازِ فِرْقَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ، وَهَكَذَا حَكَى الْإِجْمَاعَ الْقُرْطُبِيُّ وَاسْتَثْنَى الْخَوَارِجَ قَالَ: وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ لِأَنَّهُمْ مَرَقُوا مِنْ الدِّينِ، وَهَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ حَزْمٍ وَاسْتَثْنَى عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ
وَنَقَلَهُ أَيْضًا النَّوَوِيُّ وَاسْتَثْنَى طَائِفَةً مِنْ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُخَالِفَ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْأَكْثَرِ وَحُكِيَ الْخِلَافُ عَنْ الْبَتِّيِّ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَحَمَلُوا النَّهْيَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَقَطْ، وَجَعَلُوا الْقَرِينَةَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ التَّعْلِيلِ بِلَفْظِ: " فَإِنَّكُنَّ إذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْتُنَّ أَرْحَامَكُنَّ " وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ هَكَذَا بِلَفْظِ الْخِطَابِ لِلنِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَدِيٍّ بِلَفْظِ الْخِطَابِ لِلرِّجَالِ
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَهُمَا صَارَا مِنْ نِسَائِهِ كَأَرْحَامِهِ فَيَقْطَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا يَنْشَأُ بَيْنَ الضَّرَائِرِ مِنْ التَّشَاحُنِ، فَنُسِبَ الْقَطْعُ إلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَأُضِيفَ إلَيْهِ الرَّحِمُ لِذَلِكَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْمُصَرِّحُ بِالْعِلَّةِ فِي إسْنَادِهِ أَبُو حُزَيْرٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الزَّايِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَلَكِنَّهُ قَدْ عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ فَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَيُقَوِّيهِ الْمُرْسَلُ الَّذِي ذَكَرْنَا
قَالُوا: وَلَا شَكَّ أَنَّ مُجَرَّدَ مَخَافَةِ الْقَطِيعَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَزِمَ حُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ بَنَاتِ عَمَّيْنِ وَخَالَيْنِ لِوُجُودِ عِلَّةِ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ كَمَا فِي مُرْسَلِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، فَإِنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْقَرَابَاتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ مِنْ الْكَبَائِرِ بِالِاتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مُفْضِيًا إلَيْهَا مِنْ الْأَسْبَابِ يَكُونُ مُحَرَّمًا، وَأَمَّا الْإِلْزَامُ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ فَيَرُدُّهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ، فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ أَوْ لِقِيَاسِهَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] فَعُمُومٌ مُخَصَّصٌ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ
قَوْلُهُ: (وَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ) هَذَا وَصَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَبِنْتُ عَلِيٍّ هِيَ زَيْنَبُ، وَامْرَأَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute