. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
إلَى رِوَايَةِ غَيْرِهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ عَبْدًا
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا هَلْ يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَجَعَلُوا الْعِلَّةَ فِي الْفَسْخِ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا صَارَتْ حُرَّةً وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا لَهَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ " وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا " وَلَكِنَّهُ قَدْ تُعُقِّبَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ، وَبَيَّنَّهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ،.
وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهَا فَهُوَ اجْتِهَادٌ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ
وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا، وَتَمَسَّكُوا أَوَّلًا بِتِلْكَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا، وَقَدْ عَرَفْتَ عَدَمَ صَلَاحِيَّةِ ذَلِكَ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ وَمِمَّا يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «مَلَكْت نَفْسَكِ فَاخْتَارِي» فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي التَّخْيِيرِ هُوَ مِلْكُهَا لِنَفْسِهَا وَذَلِكَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا اسْتَقَلَّتْ بِأَمْرِ النَّظَرِ فِي مَصَالِحِهَا مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا كَمَا كَانَتْ مِنْ قَبْلُ يُجْبِرُهَا سَيِّدُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْفَسْخِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا مَا فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا أَمَةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا» .
وَفِي إسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «كَانَ لِعَائِشَةَ غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ، قَالَتْ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعْتِقَهُمَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ابْدَئِي بِالْغُلَامِ قَبْلَ الْجَارِيَةِ» قَالُوا: وَلَوْ لَمْ يَكُنِ التَّخْيِيرُ مُمْتَنِعًا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا، لَمْ يَكُنْ لِلْبُدَاءَةِ بِعِتْقِ الْغُلَامِ فَائِدَةٌ، فَإِذَا بَدَأَتْ بِهِ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا يَكُونُ لَهَا اخْتِيَارٌ، وَفِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمَا كَانَا زَوْجَيْنِ وَلَوْ كَانَا زَوْجَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالرَّجُلِ لِفَضْلِ عِتْقِهِ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
قَوْلُهُ: (وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْعَسْكَرِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَجَزَمَ ابْنُ مَاكُولَا وَغَيْرُهُ بِالْأَوَّلِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَغْفِرِيِّ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّ اسْمَهُ مِقْسَمٌ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَمَا أَظُنُّهُ إلَّا تَصْحِيفًا قَوْلُهُ: (إنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خِيَارَ مَنْ عَتَقَتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَأَنَّهُ يَبْطُلُ إذَا مَكَّنَتْ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ: بِقِيَامِهَا مِنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَقِيلَ: مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute