للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمَرْأَةِ تُسْبَى وَزَوْجُهَا بِدَارِ الشِّرْكِ

٢٧٢٧ - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٌ بَعَثَ جَيْشًا إلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا، فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَرَّجُوا مِنْ غَشَيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ الزِّيَادَةُ فِي آخِرِهِ بَعْدَ الْآيَةِ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ: «أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي قَوْمِهِنَّ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] » .) .

ــ

[نيل الأوطار]

اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَأَبِي بَكْرٍ صَاحِبِهِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ حَزْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ عَدَّ آخَرِينَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ زَوْجِهَا لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالثَّوْرِيُّ وَفُقَهَاءُ الْكُوفَةِ، وَوَافَقَهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْبُخَارِيُّ، وَشَرَطَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى زَوْجِهَا الْإِسْلَامُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَمْتَنِعَ إنْ كَانَا مَعًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مُضِيِّ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةُ: إذَا أَسْلَمَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إجْمَاعًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَسْأَلَةُ: الْمَذْهَبُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ: وَالْفُرْقَةُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، إذْ الْعِلَّةُ: اخْتِلَافُ الدِّينِ، كَالرِّدَّةِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: بَلْ طَلَاقٌ، حَيْثُ أَسْلَمَتْ وَأَبَى الزَّوْجُ، إذْ امْتِنَاعُهُ كَالطَّلَاقِ. قُلْنَا: بَلْ كَالرِّدَّةِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ إسْلَامُهَا. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِإِسْلَامِهَا هُنَا: هِجْرَتُهَا، وَإِلَّا فَهِيَ لَمْ تَزَلْ مُسْلِمَةً مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَسَائِرِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَتْ هِجْرَتُهَا بَعْدَ بَدْرٍ بِقَلِيلٍ وَبَدْرٌ فِي رَمَضَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ، وَتَحْرِيمُ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَيَكُونُ مُكْثُهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ سَنَتَيْنِ، هَكَذَا قِيلَ، وَفِيهِ بَعْضُ مُخَالَفَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>