بَابُ إحْسَانِ الْعِشْرَةِ وَبَيَانِ حَقِّ الزَّوْجَيْنِ
٢٨٠٩ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلَعِ إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا عَلَى عِوَجٍ وَفِي لَفْظٍ: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا) .
٢٨١٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ
ــ
[نيل الأوطار]
وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. قَوْلُهُ: (مُجَبِّيَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا جِيمٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ: أَيْ " بَارِكَةً ". وَالتَّجْبِيَةُ: الِانْكِبَابُ عَلَى الْوَجْهِ. وَأَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِلَفْظِ: " بَارِكَةً مُدْبِرَةً فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ: إذَا أُتِيَتْ مِنْ دُبُرِهَا، يَعْنِي فِي قُبُلِهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا قَوْلُهُ عَقِبَ ذَلِكَ: ثُمَّ حَمَلَتْ، فَإِنَّ الْحَمْلَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَوْلُهُ: (غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ الزُّهْرِيِّ لِخُلُوِّهَا مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً لَمَا صَحَّ قَوْلُ الْبَزَّارِ فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ: لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا لَا فِي الْحَصْرِ وَلَا فِي الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا رَوَى نَحْوَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ، وَمِثْلَهُ عَنْ النَّسَائِيّ، وَقَالَهُ قَبْلَهُمَا الْبُخَارِيُّ، كَذَا قَالَ الْحَافِظُ: وَالصِّمَامُ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ سِدَادُ الْقَارُورَةِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَنْفَذُ كَفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ فِي نُزُولِ الْآيَةِ.
وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْقُبُلِ.
وَفِي أَكْثَرِهَا الرَّدُّ عَلَى اعْتِرَاضِ الْيَهُودِ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ إتْيَانُ الزَّوْجَةِ فِي الدُّبُرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْإِذْنِ بِالْعَزْلِ عَنْ الزَّوْجَةِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنِ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: " {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] ، إنْ شَاءَ عَزَلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَعْزِلْ " وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ " أَنَّى شِئْتُمْ " بِمَعْنَى إذَا شِئْتُمْ، رَوَى ذَلِكَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute