للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨١١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ وَهُنَّ اللُّعَبُ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ يَنْقَمِعْنَ مَعَهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٢٨١٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

٢٨١٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَهُوَ مَعْرُوفٌ.

وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يَقُولُونَ فِي الشَّخْصِ الْمَرْئِيِّ: عَوَجٌ بِالْفَتْحِ وَفِيمَا لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ كَالرَّائِي. وَالْكَلَامُ عِوَجٌ بِالْكَسْرِ قَالَ: وَانْفَرَدَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فَقَالَ: كِلَاهُمَا بِالْكَسْرِ وَمَصْدَرُهُمَا بِالْفَتْحِ، وَكَسْرُهَا: طَلَاقُهَا. وَقَدْ حَقَّقَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: ١٠٧] .

قَوْلُهُ: (بِالْبَنَاتِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْبَنَاتُ: التَّمَاثِيلُ الصِّغَارُ يُلْعَبُ بِهَا، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (اللُّعَبُ) بِضَمِّ اللَّامِ جَمْعُ لُعْبَةٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاللُّعْبَةُ بِالضَّمِّ: التِّمْثَالُ وَمَا يُلْعَبُ بِهِ كَالشِّطْرَنْجِ وَنَحْوِهِ، وَالْأَحْمَقُ يُسْخَرُ بِهِ. قَوْلُهُ: (يَنْقَمِعْنَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: انْقَمَعَ دَخَلَ الْبَيْتَ مُسْتَخْفِيًا.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَمْكِينُ الصِّغَارِ مِنْ اللَّعِبِ بِالتَّمَاثِيلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِبِنْتِهِ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ اللَّعِبَ بِالْبَنَاتِ لِلَبِنَاتِ الصِّغَارِ رُخْصَةٌ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إبَاحَةَ اللَّعِبِ لَهُنَّ بِالْبَنَاتِ مَنْسُوخَةٌ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَوُجُوبِ تَغْيِيرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُسَرِّبُهُنَّ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَالتَّسَرُّبُ: الدُّخُولُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَانْسَرَبَ فِي جُحْرِهِ وَتَسَرَّبَ: دَخَلَ. وَالْمُرَادُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْخِلُ الْبَنَاتِ إلَى عَائِشَةَ لِيَلْعَبْنَ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ مَزِيَّةُ حُسْنِ الْخُلُقِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ، فَإِنْ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ إيمَانًا، وَأَنَّ خَصْلَةً يَخْتَلِفُ حَالُ الْإِيمَانِ بِاخْتِلَافِهَا لَخَلِيقَةٌ بِأَنْ تَرْغَبَ إلَيْهَا نُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ.

قَوْلُهُ: (وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ» فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَعْلَى النَّاسِ رُتْبَةً فِي الْخَيْرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>