٢٨٥٠ - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «لَمَّا لَاعَنَ أَخُو بَنِي عَجْلَانَ امْرَأَتَهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ظَلَمْتهَا إنْ أَمْسَكْتهَا، هِيَ الطَّلَاقُ وَهِيَ الطَّلَاقُ وَهِيَ الطَّلَاقُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
٢٨٥١ - (وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهَا بِتَطْلِيقَتَيْنِ آخِرَتَيْنِ عِنْدَ الْقُرْأَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى، إنَّك قَدْ أَخْطَأْت السُّنَّةَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ، وَقَالَ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَاجَعْتهَا، ثُمَّ قَالَ: إذَا هِيَ طَهُرَتْ فَطَلِّقْ عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ أَمْسِكْ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا أَكَانَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا قَالَ: لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُرَاجَعَتِهَا، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا دَفْعَةً كَانَتْ فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ. وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَبَيَانُ مَا هُوَ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِلَفْظِ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ وَاحِدَةً إلَّا بِيَمِينٍ، وَمِثْلُ هَذَا كُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا الزَّوْجُ رَاجِعَةً إلَى الطَّلَاقِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهَا نَفْعٌ.
حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هُوَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ إلَّا التِّرْمِذِيَّ بِلَفْظِ: «فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرُ: كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنِينَ» وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ اللِّعَانِ. وَالْغَرَضُ مِنْ إيرَادِهِ هَهُنَا أَنَّ الثَّلَاثَ إذَا وَقَعَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ وَقَعَتْ كُلُّهَا وَبَانَتْ الزَّوْجَةُ. وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ فَقَطْ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَبِينُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ، فَالطَّلَاقُ الْوَاقِعُ مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَحَلَّ لَهُ فَكَأَنَّهُ طَلَّقَ أَجْنَبِيَّةً، وَلَا يَجِبُ إنْكَارُ مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ السُّكُوتُ عَنْهُ تَقْرِيرًا. وَحَدِيثُ الْحَسَنِ فِي إسْنَادِهِ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ وَأَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَّبَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ فِيمَنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّرْكَ غَيْرُهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ نَسِيًّا وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْوَهْمِ سَيِّئَ الْحِفْظِ يُخْطِئُ وَلَا يَدْرِي، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَأَيْضًا الزِّيَادَةُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْحُجَّةِ، أَعْنِي قَوْلُهُ: «أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقْتهَا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute