. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْمَذْكُورِ. وَهَذَا أَظْهَرُ
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِظَوَاهِرِ سَائِرِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] وقَوْله تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] وقَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بَيْنَ إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ عُمُومَاتٌ مُخَصَّصَةٌ وَإِطْلَاقَاتٌ مُقَيَّدَةٌ بِمَا ثَبَتَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ وُقُوعِ فَوْقَ الْوَاحِدَةِ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثٍ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَضِيَّةِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا الْجَوَابُ عَنْهُ
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ دَاوُد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «طَلَّقَ جَدِّي امْرَأَةً لَهُ أَلْفَ تَطْلِيقَةٍ، فَانْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا اتَّقَى اللَّهَ جَدُّك، أَمَّا ثَلَاثٌ فَلَهُ، وَأَمَّا تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ فَعُدْوَانٌ وَظُلْمٌ، إنْ شَاءَ اللَّهُ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّ أَبَاك لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فَيَجْعَلَ لَهُ مَخْرَجًا، بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، وَتِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ إثْمٌ فِي عُنُقِهِ» . وَأُجِيبَ بِأَنَّ يَحْيَى بْنَ الْعَلَاءِ ضَعِيفٌ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْوَلِيدِ هَالِكٌ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ، فَأَيُّ حُجَّةٍ فِي رِوَايَةِ ضَعِيفٍ عَنْ هَالِكٍ عَنْ مَجْهُولٍ، ثُمَّ وَالِدُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَمْ يُدْرِكْ الْإِسْلَامَ فَكَيْفَ بِجَدِّهِ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا فِي حَدِيثِ رُكَانَةُ السَّابِقِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحْلَفَهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ لَوَقَعَتْ
وَيُجَابُ بِأَنَّ أَثْبَتَ مَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ رُكَانَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ لَا ثَلَاثًا. وَأَيْضًا قَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: ارْجِعْهَا، بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ: إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا» وَأَيْضًا قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ مَا لَا يَنْتَهِضُ مَعَهُ لِلِاسْتِدْلَالِ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ إلَّا وَاحِدَةٌ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رُكَانَةُ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ طَلَّقْتَهَا؟ فَقَالَ: ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْتَجِعْهَا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَصَحَّحَهُ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ قَدْ احْتَجُّوا فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ. وَمِنْهَا مُعَارَضَتُهُ لِفَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ رِوَايَتُهُ لَا رَأْيُهُ وَمِنْهَا أَنَّ أَبَا دَاوُد رَجَّحَ أَنَّ رُكَانَةُ إنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْ رَوَى ثَلَاثًا حَمَلَ أَلْبَتَّةَ عَلَى مَعْنَى الثَّلَاثِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلظَّاهِرِ، وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute