للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ النَّصَارَى فَقُلْت: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ النَّصَارَى، فَقُلْت: إنَّكُمْ لَأَنْتُمْ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، فَقَالُوا: وَأَنْتُمْ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ؛ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلْ أَخْبَرْت بِهَا أَحَدًا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيًا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ الْكَلِمَةَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا، فَلَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِلِ بِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْت» . وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ إلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «قَالَتْ الْيَهُودُ: نِعْمَ الْقَوْمُ قَوْمُ مُحَمَّدٍ لَوْلَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» .

قَوْلُهُ: (إنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ) قِيلَ: هِيَ الْكِلَابِيَّةُ. وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا، فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ.

وَرُوِيَ عَنْ الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا عَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ بْنِ عَمْرٍو. وَحَكَى ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا أَنَّ اسْمَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ الْجَوْنِ

وَأَشَارَ ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا إلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الَّتِي اسْتَأْذَنَتْ مِنْهُ هِيَ الْجَوْنِيَّةُ وَاسْمُهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهَا لَمْ تَسْتَعِذْ مِنْهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَهَا هِيَ الْجَوْنِيَّةُ وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ فِرَاقِهِ لَهَا، فَقَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا دَعَاهَا، فَقَالَتْ: تَعَالَ أَنْتَ، فَطَلَّقَهَا. وَقِيلَ: كَانَ بِهَا وَضَحٌ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ «أَنَّهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ وَقَدْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنِّي فَطَلَّقَهَا» ، قَالَ: وَهَذَا بَاطِلٌ، إنَّمَا قَالَ لَهُ هَذَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ وَكَانَتْ جَمِيلَةً، فَخَافَ نِسَاؤُهُ أَنْ تَغْلِبَهُنَّ عَلَيْهِ، فَقُلْنَ لَهَا: إنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، فَفَعَلَتْ فَطَلَّقَهَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَمَا أَدْرِي لِمَ حُكِمَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ فِيهِ وَثُبُوتِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ

قَوْلُهُ: (الْحَقِي بِأَهْلِكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ لَحِقَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَأَرَادَ الطَّلَاقَ، طَلُقَتْ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ تَخَلُّفِ كَعْبٍ الْمَذْكُورِ، فَيَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْعِتْرَةِ. وَذَهَبَ الْبَاقِرُ وَالصَّادِقُ وَالنَّاصِرُ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي إخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَدَدِ الشَّهْرِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالشَّكِّ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَالِكَ. وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هَهُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْعَدَدِ بِالْإِشَارَةِ بِالْأَصَابِعِ وَاعْتِبَارِهِ مِنْ دُونِ تَلَفُّظٍ بِاللِّسَانِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>