. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَإِنَّمَا خَصَّ الظَّهْرَ بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرُّكُوبِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا فَشُبِّهَتْ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَرْكُوبُ الرَّجُلِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الظِّهَارَ يَخْتَصُّ بِالْأُمِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ.
وَفِي حَدِيثِ خَوْلَةَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْسٌ، فَلَوْ قَالَ: كَظَهْرِ أُخْتِي، مَثَلًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كَظَهْرِ أَبِي.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ. أَنَّهُ ظِهَارٌ وَطَرْدُهُ فِي كُلِّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهُ حَتَّى فِي الْبَهِيمَةِ
وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ يُقَاسُ الْمَحَارِمُ عَلَى الْأُمِّ وَلَوْ مِنْ رَضَاعٍ، إذْ الْعِلَّةُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: وَلَوْ مِنْ الرِّجَالِ. وَعَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْبَتِّيِّ وَغَيْرِ الْمُؤَيَّدِ: فَيَصِحُّ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ. قَوْلُهُ (فَرَقًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ. قَوْلُهُ: (فَأَتَتَايَعَ) بِتَاءَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ يَاءٌ: وَهُوَ الْوُقُوعُ فِي الشَّرِّ قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِي أَنْتَ بِذَاكَ) لَعَلَّ هَذَا التَّكْرِيرَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي إقْرَارِ الْمُظَاهِرِ، وَمِنْ هَهُنَا يَلُوحُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى. قَوْلُهُ: (أَعْتِقْ رَقَبَةً) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُؤْمِنَةً، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيِّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْعِتْرَةِ: لَا يَجُوزُ وَلَا يَجْزِي إعْتَاقُ الْكَافِرِ لِأَنَّ هَذَا مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِيمَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْيِيدَ حُكْمٍ بِمَا فِي حُكْمٍ آخَرَ مُخَالِفٌ لَهُ لَا يَصِحُّ، وَتَحْقِيقُ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ مُحَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُ اعْتِبَارَ الْإِسْلَامِ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ فَإِنَّهُ «لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إعْتَاقِ جَارِيَتِهِ عَنْ الرَّقَبَةِ الَّتِي عَلَيْهِ، قَالَ لَهَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَأَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُ عَنْ الرَّقَبَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الرَّقَبَةِ أَنَّهَا تُجْزِي الْمَعِيبَةُ. وَقَدْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَكْثَرِ الْعِتْرَةِ وَدَاوُد
وَحُكِيَ عَنْ الْمُرْتَضَى وَالْفَرِيقَيْنِ وَمَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُجْزِي. قَوْلُهُ: (فَصُمْ شَهْرَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حُكْمَ الْعَبْدِ حُكْمُ الْحُرِّ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ لَزِمَهُ، وَأَنَّ كَفَّارَتَهُ بِالصِّيَامِ شَهْرَانِ كَالْحُرِّ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا الصِّيَامُ فَقَطْ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إذَا أَطْعَمَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَجْزَأَهُ. قَالَ: وَمَا ادَّعَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ الْإِجْمَاعِ مَرْدُودٌ، فَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ تَحْرِيرَ الرَّقَبَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ يَجِدُهَا فَكَانَ كَالْمُعْسِرِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ لَوْ صَامَ الْعَبْدُ شَهْرًا أَجْزَأَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَحْشًا) لَفْظُ أَبِي دَاوُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute