بَابُ مَا جَاءَ فِي قَذْفِ الْمُلَاعَنَةِ وَسُقُوطِ نَفَقَتِهَا
٢٩١٦ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُلَاعَنَةِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى أَنْ لَا قُوتَ لَهَا وَلَا سُكْنَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مُتَوَفَّى عَنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
٢٩١٧ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[نيل الأوطار]
بَنُو عَمِّ عَاصِمٍ. قَوْلُهُ: (مُصْفَرًّا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: أَيْ قَوِيَّ الصُّفْرَةِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ أَنَّهُ كَانَ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْنُهُ الْأَصْلِيُّ وَالصُّفْرَةُ عَارِضَةٌ. وَالْمُرَادُ بِقَلِيلِ اللَّحْمِ: نَحِيفُ الْجِسْمِ، وَالسَّبْطُ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ
قَوْلُهُ: (خَدْلًا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْخَدْلُ: الْمُمْتَلِئُ، وَسَاقٌ خَدْلَةٌ: بَيِّنَةُ الْخَدَلِ مُحَرَّكَةً ثُمَّ قَالَ: وَالْخَدْلَةُ الْمَرْأَةُ الْغَلِيظَةُ السَّاقِ وَمُمْتَلِئَةُ الْأَعْضَاءِ لَحْمًا فِي رِقَّةِ عِظَامٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: خَدَلًّا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ: أَيْ مُمْتَلِئَ السَّاقَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ: مُمْتَلِئَ الْأَعْضَاءِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ غِلَظِ الْعَظْمِ مَعَ اللَّحْمِ. قَوْلُهُ: (آدَمَ) بِالْمَدِّ: أَيْ لَوْنُهُ قَرِيبٌ مِنْ السَّوَادِ. قَوْلُهُ: (كَثِيرَ اللَّحْمِ) أَيْ فِي جَمِيعِ جَسَدِهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً شَارِحَةً لِقَوْلِهِ خَدْلًا بِنَاءً أَنَّ الْخَدْلَ: الْمُمْتَلِئُ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَيْسَ مَعْنَى هَذَا الدُّعَاءِ طَلَبَ ثُبُوتِ صِدْقِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ تَلِدَ لِيَظْهَرَ الشَّبَهُ وَلَا يَمْتَنِعُ وِلَادُهَا بِمَوْتِ الْوَلَدِ مَثَلًا فَلَا يَظْهَرُ الْبَيَانُ. وَالْحِكْمَةُ فِي الْبَيَانِ الْمَذْكُورِ رَدْعُ مَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ عَنْ التَّلَبُّسِ بِمِثْلِ مَا وَقَعَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُبْحِ. قَوْلُهُ: (فَلَاعَنَ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَأَخَّرَتْ إلَى وَضْعِ الْمَرْأَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ بَوَّبَ الْمُصَنِّفُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ أَنَّ اللِّعَانَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ. وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: " فَلَاعَنَ " لِعَطْفِ لَاعَنَ عَلَى " فَأَخْبَرَهُ بِاَلَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ " وَيَكُونُ مَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضًا. قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمَّاهُ أَبُو الزِّنَادِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحُدُودِ. قَوْلُهُ: (كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ) أَيْ كَانَتْ تُعْلِنُ بِالْفَاحِشَةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَا اعْتِرَافٍ. قَالَ الدَّاوُدِيُّ: فِيهِ جَوَازُ غِيبَةِ مَنْ يَسْلُكُ مَسَالِكَ السُّوءِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهَا فَإِنْ أَرَادَ إظْهَارَ الْغِيبَةِ عَلَى طَرِيقِ الْإِبْهَامِ فَمُسَلَّمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute