للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ دُونَ الزَّانِي

٢٩١٩ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد.

وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: " لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ ") .

٢٩٢٠ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ

ــ

[نيل الأوطار]

التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ لَا يَكُونُ قَذْفًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ إذَا كَانُوا يَفْهَمُونَهَا، وَكَذَلِكَ قَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ، إلَّا أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ قَصْدَهُ الْقَذْفُ. وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُرِدْ قَذْفًا، بَلْ جَاءَ سَائِلًا مُسْتَفْتِيًا عَنْ الْحُكْمِ بِمَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الرِّيبَةِ فَلَمَّا ضُرِبَ لَهُ الْمَثَلُ أَذْعَنَ، وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: التَّعْرِيضُ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ السُّؤَالِ لَا حَدَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي التَّعْرِيضِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاجَهَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي التَّعْرِيضِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقْصِدُ الْأَذِيَّةَ الْمَحْضَةَ وَالزَّوْجُ يُعْذَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِيَانَةِ النَّسَبِ

قَوْلُهُ: (مِنْ أَوْرَقَ) هُوَ الَّذِي يَمِيلُ إلَى الْغَبَرَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَمَامَةِ: وَرْقَاءُ. قَوْلُهُ: (فَأَنَّى ذَلِكَ) بِفَتْحِ النُّونِ الثَّقِيلَةِ: أَيْ مِنْ أَيْنَ أَتَاهَا اللَّوْنُ الَّذِي خَالَفَهَا هَلْ هُوَ بِسَبَبِ فَحْلٍ مِنْ غَيْرِ لَوْنِهَا طَرَأَ عَلَيْهَا أَوْ لِأَمْرٍ آخَرَ؟ . قَوْلُهُ: (نَزَعَهُ عِرْقٌ) الْمُرَادُ بِالْعِرْقِ: الْأَصْلُ مِنْ النَّسَبِ تَشْبِيهًا بِعِرْقِ الشَّجَرَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ عَرِيقٌ فِي الْأَصَالَةِ: أَيْ إنَّ أَصْلَهُ مُتَنَاسِبٌ، وَكَذَا مُعَرِّقٌ فِي الْكَرَمِ، وَهُوَ ضَرْبُ مَثَلٍ لِتَعْرِيفِ السَّائِلِ وَتَوْضِيحِ الْبَيَانِ بِتَشْبِيهِ الْمَجْهُولِ بِالْمَعْلُومِ، وَهُوَ مِنْ قِيَاسِ التَّشْبِيهِ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ بِالنَّظِيرِ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: هُوَ تَشْبِيهٌ فِي أَمْرٍ وُجُودِيٍّ، وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّشْبِيهِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ قَوِيَّةٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَنْفِيَ وَلَدَهُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لَهُ فِي اللَّوْنِ. وَقَدْ حَكَى الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ. وَتَعَقَّبَهُمَا الْحَافِظُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ ثَابِتٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالُوا: إنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَى الْمُخَالَفَةِ فِي اللَّوْنِ قَرِينَةُ زِنًى لَمْ يَجُزْ النَّفْيُ، فَإِنْ اتَّهَمَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ عَلَى لَوْنِ الرَّجُلِ الَّذِي اتَّهَمَهَا بِهِ جَازَ النَّفْيُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجُوزُ النَّفْيُ مَعَ الْقَرِينَةِ مُطْلَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>