للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْحُجَّةِ فِي الْعَمَلِ بِالْقَافَةِ

٢٩٢٣ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وَفِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَرِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيِّ: " أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ رَأَى زَيْدًا وَأُسَامَةَ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا بِقَطِيفَةٍ وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ".

وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «دَخَلَ قَائِفٌ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاهِدٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْجَبَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ

ــ

[نيل الأوطار]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِابْنَ لَا يُلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ، قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ. وَقَالَ أَيْضًا: وَفِيهِ إثْبَاتُ الْقُرْعَةِ فِي إلْحَاقِ الْوَلَدِ، انْتَهَى. وَقَدْ أَخَذَ بِالْقُرْعَةِ مُطْلَقًا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ. حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ ابْنُ رَسْلَانَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَقَدْ وَرَدَ الْعَمَلُ بِهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: فِي إلْحَاقِ الْوَلَدِ، وَمِنْهَا فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ فَجَزَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَمَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ

وَمِنْهَا: فِي تَعْيِينِ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَهَكَذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُ الْقُرْعَةِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّدَاعِي إذَا تَسَاوَتْ الْبَيِّنَتَانِ، وَفِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ مَعَ الِالْتِبَاسِ لِأَجْلِ إفْرَازِ الْحِصَصِ بِهَا، وَفِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ اعْتَبَرَ الْقُرْعَةَ فِي جَمِيعِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهَا فِي بَعْضِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ: هَذِهِ السُّنَّةُ فِي دَعْوَى الْوَلَدِ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ الْخَطَّابِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِهِ فِي الْقَدِيمِ. وَقِيلَ: لِأَحْمَدَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ هَذَا، فَقَالَ: حَدِيثُ الْقَافَةِ أَحَبُّ إلَيَّ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ حَدِيثَ الْقُرْعَةِ مَنْسُوخٌ. وَقَالَ الْمُقْبِلِيُّ فِي الْأَبْحَاثِ: إنَّ حَدِيثَ الْإِلْحَاقِ بِالْقُرْعَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ انْسِدَادِ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ، انْتَهَى. وَمِنْ الْمُخَالِفِينَ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْعَةِ الْحَنَفِيَّةُ وَكَذَلِكَ الْهَادَوِيَّةُ، وَقَالُوا: إذَا وَطِئَ الشُّرَكَاءُ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَوْهُ جَمِيعًا، وَلَا مُرَجِّحَ لِلْإِلْحَاقِ بِأَحَدِهِمْ كَانَ الْوَلَدُ ابْنًا لَهُمْ جَمِيعًا يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَمَجْمُوعُهُمْ أَبٌ يَرِثُونَهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>